الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨))
١١٥ ـ (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ...) أي هل ظننتم أننا خلقناكم لا لغرض ولا لحكمة بل للهو واللعب وظننتم (أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) لمجازاة الأعمال؟ والاستفهام إنكاري يعني بل خلقكم للعبادة ومكافأة الأعمال ومجازاتها ولا بد من رجوعكم إلينا ، لذلك
عن الصّادق (ع) أنه قيل له خلقنا للفناء فقال : مه خلقنا للبقاء ، وكيف وجنّته لا تبيد وناره لا تخمد ، لكن نتحوّل من دار إلى دار.
١١٦ ـ (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ...) أي الذي يحق له الملك ، فإن كلّ مالك غيره هو مستعير منه (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) أي خالق السّرير الأعظم وصاحبه. والكريم هنا لعله صفة العرش بمعنى كثير الخير والبركات لأن كل خير وبركة ينزل من جهته ، واختصاص الرب تعالى به مع انه رب العالمين تعظيم لشأنه كقوله : رب البيت أو رب الملائكة. وقيل المراد به هو السّماوات بما فيها مع العرش.
١١٧ ـ (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ ...) لأن الباطل لا برهان له ، فإن البرهان على الباطل باطل والباطل عدم (فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) حيث إن عذاب المشرك يبلغ ما لا يقدر أحد على حسابه إلّا الله تعالى ثم بعد بيان حال المؤمنين والكفار أمر نبيّه (ص) بالانقطاع إليه وطلب غفرانه ورحمته فإنهما العاصمان عن كلّ المخاوف والآفات بقوله :
١١٨ ـ (وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ ...) وروي أن أول السورة وآخرها من كنوز العرش من عمل بثلاث آيات من أوّلها واتّعظ بأربع من آخرها فقد نجا وأفلح.