فرضنا أحكامها التي فيها (وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ) واضحات الدّلالة على وحدانيّتنا أو الحدود والأحكام من الحلال والحرام ومن جملتها قوله سبحانه :
٢ ـ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) إلخ ... مبتدأ والخبر : فاجلدوا ، أي من زنت من النّساء وزنى من الرّجال ، فيفيد العموم في الجنس (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) هذا حكم الأعزب غير المحصن أمّا المحصن فحدّه الرجم بالحجارة ويا لها من عدالة ظاهرة وحكمة باهرة فهلمّوا وانظروا كيف اليوم ينتهك المسلم حرمة أخيه المسلم ولا يجد قانونا يردعه ، ولا تشريعا يمنعه لأن القوانين الوضعية مجمعة على ترك الزاني بلا رادع ولا وازع حتى تفشّت بسبب ذلك الأمراض الخبيثة وانتشرت الأسقام وفتكت بالأجسام وما ذاك الّا لعدم تمسّكنا بديننا الحنيف واتّباع القانون السّماوي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فيا لهفاه على ديننا السامي الذي جعلناه وراء ظهورنا بل تحت أقدامنا فابتلينا بما ابتلينا بأيدينا. الفاء لتضمّنهما معنى الشرط (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) أي رحمة في حكمه فتعطّلون حدّه أو تتسامحون فيه (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي أن الإيمان يقتضي الحدّ في طاعة الله والاجتهاد في إقامة أحكامه ، فعن الأصبغ بن نباتة أن عمر أتي بخمسة نفر أخذوا في الزّنى فأمر أن يقام على كل واحد منهم الحدّ. وكان أمير المؤمنين عليهالسلام حاضرا فقال : يا عمر ليس هذا حكمهم. قال : فأقم أنت الحدّ عليهم. فقدّم واحدا منهم فضرب عنقه ، وقدّم الآخر فرجمه ، وقدّم الثالث فضربه الحدّ ، وقدّم الرابع فضربه نصف الحدّ ، وقدّم الخامس فعزّره. فتحيّر عمر وتعجّب النّاس من فعله. فقال له عمر : يا أبا الحسن خمسة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمسة حدود وليس شيء منها يشبه الآخر؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أمّا الأول. فكان ذميّا فخرج عن ذمته ولم يكن له حدّ إلّا السّيف ، وأمّا الثاني فرجل محصن كان حدّه الرجم ، وأما الثالث فمسلم