لتفحّص المعسكر حتى لا يفقد ولا يضيّع منهم شيء ، وبعد ما يطمئنّ بعدم فقدان شيء أو غفلة شخص من العسكر كان يتحرّك ويسير. فلمّا قرب إلى ذلك الموضع رأى شبحا فجاء حتّى وصل إليه فعرفها ، فسأل عن قضّيتها وأناخ بعيره حتّى ركبته وراح يسوقه حتّى لحقا بالجيش وقد نزلوا في قائم الظهيرة من شدّة الحرّ. وقال في الجوامع كذا رواه الزهري عن عائشة. وروت العامّة أنّها نزلت في عائشة بلا شكّ عندهم. أمّا الخاصة فإنّهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية أمّ إبراهيم ابن النبيّ صلىاللهعليهوآله وما رمتها عائشة حين رأت أن النّبي حزن كثيرا لوفاة ابنه فقالت له عائشة ما الذي يحزنك عليه فما هو إلّا ابن جريح القبطي ، فبعث النبيّ عليّا إليه فرآه في البستان وقد كشف عن عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنّساء ، فأخبر بذلك النبيّ فقال صلىاللهعليهوآله : الحمد لله الذي صرف عنّا السّوء أهل البيت وهذا حاصل ما روي عن الإمام الباقر عليهالسلام ولعل النبيّ بعث عليّا ليظهر الحق ويبطل الباطل لا لقتله بمجرد قول عائشة ، ولمّا حسبوا أن بعض المؤمنين والمؤمنات ظنّوا سوءا في عائشة وصفوان وإن كانوا لم يظهروا ولم يتكلموا بشيء فالله تعالى وبّخهم على سكوتهم وعلى إنكار الإفك بقوله :
١٢ ـ (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ...) : أي هلّا حينما سمعتم بالإفك والكلام الباطل أنكرتم ذلك؟ وكان الواجب على المؤمنين إذ سمعوا قول القاذف أن يكذّبوه وأن لا يسرعوا إلى التهمة بل يشتغلون بحسن الذكر لمن عرفوا طهارته ولم يظنّوا به إلّا خيرا لأنّه كأنفسهم ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : المؤمنون كنفس واحدة وقال تعالى : ولا تلمزوا أنفسكم ، ولا تقتلوا أنفسكم ، والمراد بهما هو أنفس الغير لأن الإنسان العاقل لا يقتل نفسه حتى ينهى. والحاصل أن المؤمنين كنفس واحدة فيما يجري عليهم من الأمور فإذا جرى على أحدهم محنة فكأنّما جرت على جماعتهم. وإنّما عدل فيه من الخطاب إلى الغيبة ومن المضمر إلى المظهر للمبالغة في التوبيخ وإشعارا بأن مقتضى الإيمان أن يظنّ المؤمنون بالمؤمنين خيرا ، وإذا ابتلي واحد منهم بسوء