يكون تفريغ الذمة عنوانا للمأمور به ، فيجب في مقام الامتثال إحراز ذلك العنوان بالاحتياط ، ولو قلنا بأنّه مرآة لأداء كل ما اشتغلت الذمة به وتردد بين الأقل والأكثر فيجري البراءة ، ومن هنا يتوجّه على المصنف ومن يقول بمقالته من أنّ القاعدة تقتضي الاحتياط في مثل فرّغ ذمتك من الدين كما صرّح به المصنف في غير موضع سؤال الفرق بينه وبين ضمان التلف أو الإتلاف الثابت بقوله (عليهالسلام) «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» (١) وقوله (عليهالسلام) «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» (٢) حيث إنهم يقولون إنه لو تردد التالف بين الأقل والأكثر بحسب المقدار أو القيمة مطلقا فهو مجرى للبراءة عن الأكثر ، مع أنّ المستفاد من دليل الضمان ليس إلّا أنّ الذمة مشغولة بعهدة التالف فيجب الخروج عن عهدته ، فإن كان التالف مثليا وقد تعذّر المثل فيجب تفريغ الذمة عن المثل بأداء قيمته ، فلو ترددت قيمته بين الأقل والأكثر فيصير ذلك نظير فرّغ ذمتك من الدين بعينه فيجب فيه الاحتياط وليس موردا للبراءة ، وكذا إذا كان التالف قيميا من الأول على التحقيق من أنّ مفاد الأدلة كون عهدة عين التالف على المتلف فيجب الخروج عن عهدتها بأداء القيمة ويلزمه القول بالاحتياط ، نعم على مذاق المشهور في القيميات من اشتغال الذمة بالقيمة حين التلف فالشك في القيمة يرجع إلى الشك في الاشتغال ويكون مجرى للبراءة كما قالوه ، ويتفرّع عليه أنّ المراد من القيمة قيمة يوم التلف على قولهم وقيمة يوم الأداء على ما ذكرنا.
ومحصّل الكلام في ضمان التالف المردد بين الأقل والأكثر أن يقال لو كان الشك في أنّ التالف درهم أو درهمان أو ثوب أو ثوبان مثلا كان مجرى
__________________
(١) المستدرك ١٤ : ٨ / كتاب الوديعة ب ١ ح ١٢.
(٢) [الظاهر أنها ليست رواية وإنما هي قاعدة مصطادة من موارد شتى].