يترتّب عليه ، وهذا بخلاف مؤدّى قاعدة الاشتغال في المثالين المذكورين فإنّه لا يحكم فيها بالقاعدة ببقاء الوجوب السابق بل بوجوب الاتيان بالمشكوك تحصيلا لليقين بالفراغ عن الشغل اليقيني من دون اعتبار أنّ هذا هو الوجوب السابق أو غيره ، وأيضا نقول الفرق إنّ الوجوب الثابت بالاستصحاب وجوب شرعي ظاهري يترتّب عليه آثار الوجوب من صحّة قصد وجهه في العمل والحكم بصحّته شرعا ليتفرّع عليه جواز الاقتداء بمن يصلّي الصلاة الواجبة عليه بالاستصحاب ، وأمّا الوجوب الثابت بقاعدة الاشتغال فهو وجوب عقلي إرشادي يحكم به العقل مقدّمة للعلم بحصول الفراغ عن الشغل المتيقّن ، فلا يصحّ أن يؤتى به بداعي الوجوب بل بداعي الاحتمال لأنّه احتياط ولا يحكم بصحّته شرعا إذ لعلّه عمل لغو لا يفيد الامتثال وليس بشيء أصلا ولا يترتّب عليه ما عدا العلم بالفراغ والأمن من العقاب.
الثاني : في بيان معنى سبق اليقين ولحوق الشكّ المعتبرين في مجرى الاستصحاب ، فاعلم أنّه ربما يتوهّم أنّ المراد أن يكون زمان اليقين سابقا على زمان الشكّ كما لو علم بعدالة زيد يوم الخميس وشكّ في بقاء عدالته يوم الجمعة ، وليس كذلك بل يمكن أن يكون زمانهما واحدا وأن يكون زمان المتيقّن سابقا على زمان المشكوك ولا يعتبر أزيد من ذلك كما لو حصل العلم الآن بأنّ زيدا كان عادلا أمس وشكّ في بقائه فإنّ ميزان الاستصحاب تامّ فيه.
بل يمكن أن يقال لا يعتبر أن يكون زمان المتيقّن أيضا سابقا على زمان المشكوك بناء على شمول الاستصحاب لمورد الشكّ الساري المعبّر عمّا يجري فيه بقاعدة اليقين ضرورة اتّحادهما فيه ، وإنّما السبق واللحوق هنا بين زمان الشكّ واليقين ، فالمعتبر حينئذ أحد الأمرين من كون المتيقّن سابقا على المشكوك أو اليقين سابقا على الشكّ.