الثلاثة ، لأنّ أصل حجية بينة النفي مختلف فيه ، فقال جماعة بعدم حجيتها وبذلك وردت رواية أيضا ، وكذا مسألة البناء على الترجيح في تعارض البينات مختلف فيها ، فقال جماعة بعدم البناء على الترجيح بل المرجع القرعة ولا يخلو عن قوة ، وهكذا مسألة عموم الترجيح فقال جماعة بالاقتصار في مقام الترجيح بالأكثرية والأعدلية ، بل اقتصر بعضهم على أحدهما ، ولمّا كان الأمر بهذه المثابة فيحتمل أن يكون عدم تقديم بينة النفي بالاستصحاب إمّا من جهة عدم حجّيتها ، وإمّا من جهة عدم القول بالترجيح واختيار القرعة ، وإمّا من جهة عدم القول بعموم الترجيح واختيار الاقتصار فيه بالأكثرية أو الأعدلية أو هما معا ، فكيف يستكشف من عدم ترجيحهم بينة النفي عدم حجّية الاستصحاب والحال هذه ، هكذا ينبغي أن يقال في هذا المجال.
قوله : ثم إنّ معنى عدم اعتبار الاستصحاب (١).
وهنا احتمال ثالث لم يذكره المصنف وهو عدم اعتبار الاستصحاب فيما يتعلق بالوجودي سواء كان المستصحب وجوديا أو الأثر ، واعتباره فيما يرجع إلى العدم محضا من حيث المستصحب والأثر ، فينحصر مورد الحجية فيما إذا كان المستصحب عدميا بالنسبة إلى الأثر العدمي ، لكن هذا الاحتمال بعيد لا شاهد عليه من كلامهم. وأمّا الاحتمالان المذكوران في المتن فيشهد للأول منهما ما حكاه التفتازاني عن الحنفية من أنّ حياة الغائب بالاستصحاب إلى آخر ما نقله في المتن قبيل هذا ، لا ما استشهد به المصنف في آخر كلامه مما حكاه التفتازاني عن الحنفية من أنّ الاستصحاب حجة في النفي دون الاثبات. وللثاني ظاهر عنوان التفصيل بين الوجودي والعدمي ، وعليه بنى المصنف الإشكال السابق الذي لم
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٠٦.