معقول على القول بعدم مجعولية الأحكام الوضعية ، والظاهر أنّ هذا ليس مراد المفصّل.
قوله : ثم إنه لا بأس بصرف الكلام إلى بيان أنّ الحكم الوضعي حكم مستقل (١).
المراد من الحكم الوضعي ما عدا الأحكام الخمسة التكليفية ممّا ينسب إلى الشارع من الامور الاعتبارية التي لا حقيقة لها مع قطع النظر عن اعتبارها وتقريرها وتثبيتها ، وإنّما يتحقّق حقيقتها بنفس ذلك الاعتبار والتقرير ، ولا ينحصر في اثنين أو ثلاثة أو خمسة أو سبعة أو عشرة كما قيل بذلك كلّه ، بل بغير ذلك ممّا لا طائل في نقله ، بل هي كثيرة جدّا ولا داعي إلى تكلّف إرجاع بعضها إلى بعض كما فعله بعضهم ، منها : الخمسة المعروفة وهي السببية والشرطية والمانعية والصحة والفساد ، ومنها : الجزئية ، ومنها الملكية والزوجية والرقية والحرية والضمان وحق الخيار والشفعة بل سائر الحقوق الثابتة في الشرع حتى حقوق الزوج والزوجة من القسم وغيره ، ومنها : حجية جميع الأدلّة والأمارات والاصول في الأحكام والموضوعات ، ومنها : الطهارة والنجاسة والحدث الأصغر والأكبر والطهارة عن كلّ منهما ، ودعوى أنّها امور واقعية كشف عنها الشارع كما سيأتي عن المصنف خلاف الإنصاف ، ومنها : أنواع الولايات كولاية الأب والجد والحاكم وعدول المؤمنين وولي الميت والوكالة والوصاية فإنّها امور متحقّقة مغايرة للأحكام المترتبة عليها أو المنتزعة هي منها وليست امورا واقعية ، ومنها : التنزيلات الشرعية ككون الطواف بالبيت صلاة وكون التراب طهور المؤمن وكون الرضاع لحمة كلحمة النسب ، ومنها : أنواع الحجر فإنّها في طرف العكس من
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٢٥.