وربما يورد على التفصيل المذكور بوجوه ثلاثة ، الأول : أنه على تقدير العلم بسبق الحدث الأصغر والقول بعدم تأثير الحدث بعد الحدث أيضا يكون المثال ممّا نحن فيه ، بتقريب أنه عند خروج الحدث المشتبه يعلم إجمالا بأنّه إما محدث بالحدث الأصغر وإما مجنب ، فيعلم إجمالا بوجوب واحد من الوضوء والغسل ، ولازمه وجوب الاحتياط بهما ، فإذا فعل أحدهما يكون محلا لاستصحاب الكلّي.
والجواب : أنّ هذا العلم الاجمالي غير مؤثّر في وجوب الاحتياط ، لأنّ أحد طرفيه مسبوق بالوجود والآخر مسبوق بالعدم ، وبجريان الأصلين في الطرفين لا يلزم طرح العلم ، فيحكم بأصالة بقاء الحدث الأصغر وعدم تبدّله بالأكبر ، وأصالة عدم حدوث الأكبر ، وهذا نظير الشبهة المحصورة في الماءين أو الثوبين لو كان أحدهما مسبوقا بالنجاسة والآخر بالطهارة ، فيعمل بالأصلين ولا ينظر إلى العلم الاجمالي ، إذ لا يلزم من العمل بالأصلين طرح تكليف معلوم على ما مرّ توضيحه في مسألة الشبهة المحصورة من رسالة أصل البراءة.
الثاني : أنه في صورة الجهل بالحالة السابقة كما فرض المثال في المتن لا يكون المثال مثالا لما نحن فيه ، إذ لا يخلو واقعه عن أحد المحتملات الأخر ، ومن المحتملات في الواقع أن يكون مسبوقا بالحدث الأصغر والقول بأنّ الحدث بعد الحدث لا يؤثّر ، وقد عرفت أنه على تقديره لم يكن مثالا وكان حكمه مجرد ترتيب أثر الحدث الأصغر المعلوم في السابق ، ففي صورة الجهل بالحالة السابقة يقال لم يعلم أزيد من هذا المقدار الذي هو أقل المحتملات تكليفا.
والجواب : أنه عند حدوث الحادث المشتبه يحصل العلم الاجمالي بين كونه محدثا بالحدث الأصغر أو الأكبر ، وهذا العلم الاجمالي مؤثّر في وجوب الاحتياط ، وليس مثل ما ذكرنا في الأمر الأول من عدم تأثير العلم الاجمالي لعدم