يتخيل جريان استصحاب الاشتغال. وفيه أنّ الشك في الاشتغال وعدمه ناش عن الشك في وجوب الجزء وعدمه ، فالأصل فيه محكوم بالنسبة إلى أصالة البراءة الجارية بالنسبة إلى الشك السببي على ما حقّقناه سابقا غير مرّة ، وهذا بخلاف ما نحن فيه فإن وجوب الجلوس قبل زمان الشك متيقن بالفرض فأركان الاستصحاب فيه تام لا وجه لمنعه ، وهو مقدّم على أصل البراءة هنا لأنّ الشك فيه واحد ، وأحد طرفيه موافق للبراءة والطرف الآخر موافق للاستصحاب ، وليس هنا شكّان يكون أحدهما مسبّبا عن الآخر أو لا يكون.
قوله الأمر الثالث أنّ المتيقن السابق إذا كان مما يستقل به العقل الخ (١).
ظاهر كلامه اختصاص عنوان هذا البحث بالمستقلات العقلية وبما كان منها مبنيا على قاعدة التحسين والتقبيح ، والظاهر أنه لا وجه لهذا الاختصاص ، بل يجري أيضا في الاستلزامات العقلية كما إذا علم بوجوب شيء من جهة كونه مقدمة لواجب أو حرمته لكونه ضدا لواجب ثم شك في بقاء ذلك الوجوب أو الحرمة ، وكذا يجري في المستقلات غير المبنية على قاعدة التحسين والتقبيح كما إذا علمنا بعدم وجوب شيء من جهة كونه موردا لنهي فعلي منجز يمتنع معه الأمر به لعدم جواز اجتماع الأمر والنهي على القول بأنه من قبيل التكليف المحال بالمحال ، ثم لو فرضنا الشك في تعلق الأمر به بزوال النهي عنه مثلا فإنه محل البحث أيضا.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢١٥.