قوله : إذ المقتضي موجود وهو جريان دليل الاستصحاب (١).
يمكن منع جريان أدلّة الاستصحاب ، إذ لو قلنا بحجيته من باب الظن لأجل بناء العقلاء فنمنع كون بناء العقلاء على إبقاء أحكام شريعة بعد العلم بنسخ تلك الشريعة وإن احتمل بقاء بعض أحكامها ، وكذا لو جعلنا مستند الظن الغلبة لأنّا نمنع بقاء غالب الأحكام للشريعة المنسوخة ، بل الأمر بالعكس ، وغلبة بقاء مطلق الموجودات لا ينفع بعد كون الغلبة في الصنف المخصوص على خلافه ، وإن قلنا بحجيته من باب التعبّد ندّعي انصراف أخباره إلى أحكام شريعتنا بالخصوص دون غيره من الشرائع (٢).
قوله : وعدم ما يصلح مانعا عدا امور (٣).
ولا بأس بأن نشير أوّلا إلى ما عندنا في وجه المنع ، يحتمل أن يكون الوجه الثاني من الوجوه المذكورة في المتن من أنّ شريعتنا ناسخة لغيرها من الشرائع راجعا إليه ، فليكن هذا بيانا له وهو أنّ الشرائع المنسوخة محدودة واقعا إلى مجيء الشريعة الناسخة وإن كان ظاهرها الدوام ، وبملاحظة هذا الظهور يقال إنّ الشريعة السابقة نسخت ورفعت إلّا أنّها واقعا محدودة وإلّا لزم البداء المحال ، والمراد من نسخ الشريعة نسخ جميع أحكامها لأنه الظاهر من النسخ المضاف إلى
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٢٥.
(٢) أقول : الإنصاف أنّ منع جريان أدلة الاستصحاب في غير محله ، والعمدة فيها هي الأخبار الدالة على عدم نقض اليقين بالشك ، وهي عامة شاملة لما نحن فيه ، والانصراف المدّعى ممنوع ولذا كان أهل الشرائع السابقة يعملون بكل حكم من الشريعة السابقة ما لم يعلموا نسخه في الشريعة اللاحقة ، فتأمّل.
(٣) فرائد الاصول ٣ : ٢٢٥.