قوله : الأمر السادس قد عرفت أنّ معنى عدم نقض اليقين الخ (١).
قد عرفت سابقا أنه لا حاجة إلى جعل اليقين المنهي عن نقضه بمعنى المتيقن ، ولا جعل نقضه بمعنى نقض آثاره بتقدير الآثار ، بل المراد النهي عن نقض نفس اليقين ، ومرجعه إلى وجوب إبقاء اليقين ، ودعوى أنّ إبقاء اليقين حال الشك غير معقول ، مدفوعة بما عرفت سابقا من أنّ المراد إبقاؤه تنزيلا ، والغرض منه العمل على طبق ما يعمله من تيقن بالشيء ، نعم إبقاؤه حقيقة غير معقول وليس بمراد ، ولو سلّمنا أنّ المعنى لا تنقض المتيقن لا حاجة إلى تقدير الآثار بل لا يصح ، إذ لو كان معنى لا تنقض اليقين ابق آثار المتيقن لم يشمل استصحاب نفس الحكم كالوجوب والحرمة مثلا إذا لم يكن لهما أثر شرعي ، بل وإن كان لهما أثر لأنّ مقتضى هذا المعنى الحكم ببقاء الأثر دون نفس الوجوب والحرمة ليحكم بوجوب طاعتهما بحكم العقل ، وهذا بخلاف ما إذا كان المراد إبقاء نفس المتيقن فإنه يشمل الأحكام والموضوعات غاية الأمر أنّ الغرض من إبقاء الأحكام إطاعتها التي يحكم بها العقل ، والغرض من إبقاء الموضوعات ترتيب آثارها الشرعية التي حكم بها الشرع ، وإن أراد المصنف أنّ المراد عدم نقض الآثار بالنسبة إلى الموضوعات وعدم نقض نفس المتيقن بالنسبة إلى الأحكام ، ففيه أنه لا جامع بين المعنيين حتى يمكن إرادته من قوله (عليهالسلام) «لا تنقض اليقين».
قوله : دون غيرها من الآثار العقلية والعادية (٢).
مجموع ما استدل به لعدم حجية الاصول المثبتة وجوه ثلاثة ، وجهان للمصنف وثالثها لصاحب الفصول وسيأتي. الوجه الأول : عدم معقولية الجعل
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٣٣.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٢٣٣.