قوله : وقد استظهرنا سابقا أنه متفق عليه في الأصول اللفظية (١).
إن قلنا بجريان الاصول في مباحث الألفاظ من باب الاستصحاب التعبّدي كان الإشكال في حجية مثبته كغيره لا فرق بينهما ، وإن كان من باب الظن فإن أريد به الظن الشخصي على أبعد الاحتمالين فيدور الأمر مداره وليست قاعدة كلّية ، وإن اريد به الظن النوعي مستندا إلى الاستقراء والغلبة نمنع كون غالب الألفاظ غير منقولة باقية على المعنى الذي وضع له أوّلا ، وبناء العقلاء على ذلك أيضا ممنوع.
قوله : الأمر الثامن قد يستصحب صحة العبادة الخ (٢).
لا بأس بأن نشير إلى جميع الوجوه المحتملة ليتضح محل جريان الاستصحاب عن غيره ، واعلم أوّلا أنّ الكلام هنا ممحّض في صحة إجراء استصحاب الصحة مع الاغماض عن الاصول الأخر لو كانت جارية كالبراءة وقاعدة التجاوز ونحوها ، فنقول قد يقال إنّ الفعل المركّب المأمور به لا يتصف بوصف الصحة إلّا بعد كمالها تام الأجزاء والشرائط وفي أثناء العمل لا يتصف بصحة ولا فساد ، وهذا الاحتمال بعيد في الغاية ، لأنّ الامتثال وموافقة الأمر يحصل بالشروع في المركّب شيئا فشيئا إلى أن يتمّه بشهادة العقل والعرف.
وقد يقال إنّ وصف الصحة يعرض لأجزاء المركّب من أوّل الشروع فيه شيئا فشيئا إلّا أنه لا يعلم به إلّا بعد تمام العمل ، لأنّ صحة كلّ جزء مشروطة بانضمام باقي الأجزاء صحيحا إليه ، وحيث إنّه لا يعلم المكلّف بذلك لا يمكنه الحكم باتصاف أجزاء العمل بالصحة إلّا بعد تمامه.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٥٤.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٢٥٥.