تقدير العلم بها بالبيّنة في هذا الفرض النادر على أحد الوجوه التي قررناها من ثبوت حجية الاستصحاب عنده في كلتا الشريعتين أو إحداهما أو ثبوت حجية خصوص هذا الاستصحاب بحكم العقل وبناء العقلاء كما عرفت الوجه فيه سابقا ، وليس هذا دليلا على حقّية مذهب الكتابي في هذا الزمان كما أراده بل هذا حكم عمل الشاك الكذائي الذي لم يتحقق وجوده إلّا في فرض نادر غاية الندرة.
قوله : الحق هو التفصيل في المقام (١).
قد أشار إلى هذا التفصيل في بحث خيار الغبن من كتاب المكاسب (٢) ببيان أبسط وأوفى ، ومن جملة ما فرّق بين القسمين هناك أنّ الزمان قد اخذ في القسم الأول الذي لا يجري فيه الاستصحاب قيدا وفي القسم الثاني الذي لا يرجع إلى العموم ظرفا فليكن هذا على ذكر منك.
ثم إنه يرد على البيان الذي ذكره هنا أوّلا : أنّا لا نجد فرقا بين قوله أكرم العلماء في كل يوم وقوله أكرم العلماء دائما في كون الخطاب ناظرا إلى جميع أزمان الأيام ، غاية الأمر أنّ كل يوم ملحوظ في الأول بلحاظ الاستقلال بالعموم الأفرادي وفي الثاني بلحاظ غير الاستقلالي في ضمن الدوام والاستمرار نظير العام المجموعي ، وأنت خبير بأنه لا يتفاوت الأمر في ذلك من حيث شمول اللفظ لجميع أفراد الأيام وظهوره في الجميع بحيث يكون خروج كل يوم منافيا لهذا الظهور ، ولو فرض خروج يوم مثلا يكون اللفظ ظاهرا في الباقي في كلتا الصورتين ، أما في الصورة الاولى فواضح ، وأمّا في الصورة الثانية فلأنّ إكرام زيد
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٧٤.
(٢) المكاسب ٥ : ٢٠٧ ـ ٢٠٩.