المشكوك قبل تعذّر المشكوك معلوم الوجوب على كل تقدير مردّدا بين النفسي والغيري ، وإنما الشك متعلق بالجزء المشكوك ، فيمكن الحكم بعدم وجوبه بأصالة البراءة ، أمّا إذا تعذّر الجزء المشكوك فالأجزاء المعلومة الجزئية غير معلومة الوجوب لمكان احتمال جزئية المشكوك وسقوط الوجوب بتعذّره من أصله ، فاثبات وجوب بقية الأجزاء حينئذ لا يمكن إلّا بجريان الاستصحاب كما في صورة تعذّر الجزء المعلوم الجزئية.
ثم اعلم أنه قد يعارض استصحاب وجوب الأجزاء الميسورة على تقدير جريانه باستصحاب عدم وجوب تلك الأجزاء منفردة قبل التعذّر وإنما كانت واجبة بقيد الانضمام إلى الجزء المتعذّر ولم تكن واجبة بدون الانضمام إلى المتعذّر ، ومرجعه إلى استصحاب جزئية المتعذّر ويترتّب عليه سقوط التكليف.
قوله : ويمكن توجيهه بناء على ما عرفت من جواز إبقاء القدر المشترك (١).
هذا التوجيه مضافا إلى إشكال استصحاب الكلّي فيه إشكال آخر في بعض موارده ، وهو أنه قد يتبدّل عنوان موضوع المستصحب فيه ، مثلا إذا تعذّر بعض أجزاء الصلاة فربما لا يصدق على بقية الأجزاء عنوان الصلاة ، ولا ريب أنّ وجوب تلك الأجزاء سابقا كان من حيث عنوان الصلاة وكونها مما يتحقق به الصلاة فلو فرضنا أنّ هذه الأجزاء لا يصدق عليها عنوان الصلاة فلا بدّ أن يكون وجوبها إن ثبت باعتبار آخر غير عنوان الصلاتية ، وحينئذ يقال إنّ وجوبها بعنوان الصلاتية معلوم الانتفاء وبغير ذلك العنوان مشكوك الحدوث ، وهذا نظير ما لو ثبت وجوب إكرام الفقراء وكان زيد فقيرا فكان واجب الاكرام ثم صار غنيا واحتملنا
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٧٩.