قوله : الثاني من جهة أنّ الشك في وصف الصحة للشيء ملحق بالشك في أصل الشيء أم لا (١).
لا بأس بأن نشير إلى تصوير المعنيين وكيفية حمل قوله «إذا شككت في شيء» على كل من الشك في أصل وجود الشيء والشك في وصف الصحة فنقول : إنّ الشك في شيء من الوضوء كغسل الوجه مثلا يمكن أن يكون من جهة الشك في أصل وجوده ، وأن يكون من جهة الشك في تحقق بعض أجزائه بعد إحراز وجود بعض أجزائه الآخر ، وأن يكون من جهة الشك في تحقق شرطه وأن يكون من جهة الشك في تحقق مانع عنه ، وحينئذ نقول :
يعتبر تارة تعلق الشك في قوله «إذا شككت في شيء» بنفس ما هو مشكوك حقيقة من ماهية غسل الوجه أو جزئه أو شرطه أو مانعة باعتبار وجوده ، فيصير المعنى على هذا إذا شككت في وجود شيء من هذه الامور فشكّك ليس بشيء ، ولا يخفى أنه على هذا المعنى لا يحتاج إلى إلحاق الشك في الصحة إلى الشك في الوجود ، لرجوع الكل إلى الشك في الوجود ، ولا يبقى عنوان مشكوك آخر يسمّى بمشكوك الصحة غير داخل في العموم ، وعلى هذا المعنى يبتني النزاع والتردّد في أنّ الرواية شاملة للشك في الشرط أم لا بدعوى ظهورها في غيره.
وتارة اخرى يعتبر تعلق الشك في قوله «إذا شككت» بغسل الوجه في جميع الصور المذكورة ، ويصير المعنى إذا شككت في شيء يعني في غسل الوجه من حيث أصل وجوده أو من حيث جزئه أو شرطه أو مانعة فشكّك ليس بشيء ، ويصح إسناد الشك إلى غسل الوجه في الكل ، وإن كان بواسطة الشك في جزئه أو شرطه أو مانعة ، ولا يخفى أنه على هذا المعنى يصح أن يقال إنّ الشك في الصحة
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٣٢٥ ـ ٣٢٦.