هذا التعبير بمجرّده على أنّه يتكلّم بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الأخبار فتأمّل.
ويحتمل أن يكون إشارة إلى منع استظهار الظنّ الشخصي من كلامه وقد أشرنا إلى وجه المنع في الحاشية السابقة فتأمّل.
قوله : الخامس أنّ المستفاد من تعريفنا السابق الخ (١).
قد ذكرنا سابقا عند التعرّض للتعاريف أنّ حقّ التعريف أن يعرف بابقاء المتيقّن أو اليقين ، وعليه فينبغي أن يجعل مقوّم الاستصحاب وجود الشيء في الزمن السابق بوصف كونه متيقّنا لا مجرّد وجوده واقعا ويكون اليقين طريقا إليه ، وتظهر الثمرة فيما إذا كان زيد مثلا عادلا يوم الخميس في الواقع إلّا أنّه لم يعلم به المكلّف وصلّى خلفه أو أوقع طلاقا عنده أو نحو ذلك يوم الجمعة حال كونه شاكّا في عدالته ثمّ علم يوم السبت أنّه كان عادلا قبل زمان شكّه ، فعلى ما ذكره المصنّف ميزان الاستصحاب كان موجودا حين العمل وإن لم يعلم به المكلّف فيحكم بصحّة عمله ، وعلى ما قرّرنا وشيّدناه ليس هاهنا استصحاب فيبطل إلّا على تقريب يأتي عن قريب (٢).
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٤.
(٢) أقول على تقدير القول باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ وحكم العقل بأنّ ما ثبت دام لا يحتاج إلى اعتبار اليقين في موضوع الاستصحاب ، لأنّ الحكم بالبقاء من مقتضى مجرّد الوجود السابق ، ولمّا كان أصل جعل الاصطلاح من أصحاب هذا القول لا بأس بتعريف الاستصحاب بابقاء ما كان ، غاية الأمر أنّ من يقول باعتباره من باب التعبّد لا بدّ له أن يقيّد مورد الحجّة منه بكون ما كان متيقّنا ، ولا ضير فيه.