اعتباره أيضا بملاحظة كشفه عن الواقع فهو الدليل ، وما لم يكن ناظرا إلى الواقع أو كان ناظرا إلى الواقع ولكن لم يكن اعتباره من حيث كشفه فهو أصل ، ومن الواضح أنّ القرعة ليس فيها جهة كشف عن الواقع في حدّ نفسها ، بل نقول لا يعقل فيها جهة الكشف عن الواقع في جملة من مواردها ، وهي ما إذا لم يكن هناك واقع مجهول كما في مسألة طلاق إحدى الزوجات وعتق أحد العبيد وموارد القسمة إلى غير ذلك من الأمثلة ، اللهم إلّا أن يقال إنّ القرعة في هذه الموارد كاشفة عمّا هو الأصلح عند الله فتأمل ، وذلك كلّه بناء على ما هو المشهور من عدم اختصاص مورد القرعة بما كان معيّنا عند الله غير معيّن عندنا كما يقول به الشهيد الثاني (رحمهالله) ، لكنّك قد عرفت منّا سابقا من عدم لزوم كون الدليل بنفسه كاشفا عن الواقع ، بل كل ما كان اعتباره بجعله طريقا تعبّديا إلى الواقع فهو في عداد الأدلة ، وكلّ ما كان اعتباره من حيث كونه مبنى عمل الشاك فهو من الأصل ، وعلى هذا يمكن أن تكون القرعة معتبرة من حيث الطريقية وتكون من الأدلة ، بل يمكن أن يقال إنه كذلك على ما يستفاد من ظاهر قوله (عليهالسلام) في مرسلة الفقيه «ما تقارع قوم فوّضوا أمرهم إلى الله إلّا ما خرج سهم المحق» الخبر (١).
قوله : ومجمل القول فيها أنّ ظاهر أخبارها أعم من جميع أدلة الاصول الخ (٢).
يعني الاستصحاب وأصل البراءة وأصل الاحتياط. لا يقال إنّ النسبة بين أدلة القرعة وأدلة كل واحد من الاصول الثلاثة عموم من وجه لأعمية كل واحد منها عن موارد الشبهة الحكمية والموضوعية واختصاص القرعة بالشبهة
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٦١ / أبواب كيفية الحكم ب ١٣ ح ١٣.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٣٨٥ (مع اختلاف).