آثار ما كان متيقّنا في السابق وحصل الشك في بقائه أو أصل وجوده السابق نقض ذلك اليقين ودفعه ، وما ذكرنا ليس من استعمال اللفظ في معنيين لأنّه لم يرد خصوصية الشك الساري والشك الطارئ من اللفظ حتّى يقال إنّهما معنيان متباينان لا جامع بين الخصوصيتين ، بل الجامع المعرّى عن الخصوصيتين ، غاية الأمر أن يقال إنّ هذا المعنى لا يمكن أن يسمّى بالاستصحاب المصطلح ولا بقاعدة اليقين المصطلح فليسمّ بقاعدة إلغاء الشك لكنّه يفيد فائدة القاعدتين كما عرفت ، أو يسمّ بقاعدة اليقين بناء على تفسيرها بما يعمّ موارد الاستصحاب ويكون أعمّ مطلقا من الاستصحاب (١).
قوله : والإنصاف أنّ هذه الرواية أظهر ما في الباب (٢).
يمكن أن يورد عليه بعدم دلالة الرواية على المدّعى بوجه ، بأن يقال إنّها في سياق سائر الأخبار الواردة في أنّ مناط الصوم والافطار هي الرؤية لا الشكّ
__________________
(١) أقول : ويمكن أن يورد عليه : بأنّ الظاهر من اليقين المأخوذ في موضوع هذه الأخبار هو اليقين الطريقي سيّما بملاحظة مورد الصحيحتين الأوليين ، فإنّ اليقين بالوضوء في الصحيحة الاولى واليقين بالطهارة في الصحيحة الثانية لم يلاحظا من حيث وصف اليقين لأنّه في مقام إحراز شرط الصلاة ، ومن المعلوم أنّ الشرط نفس الوضوء والطهارة لا اليقين بهما ، فيكون محصّل مضمون الروايات كلّما ثبت شيء باليقين لا يحكم بارتفاعه بطريان الشكّ فيه ، ولا يصدق هذا المعنى إلّا أن يكون الشكّ باعتبار البقاء فينطبق على الاستصحاب ليس إلّا ، ولقد أوردت هذا على السيّد الاستاذ (زيد بركاته) فأجاب بأنّ كون اليقين طريقا في مثل قوله «لأنّك كنت على يقين من طهارتك» لا ينافي جعله موضوعا في مقام بيان الحكم الظاهري بابقاء الطهارة كما هو ظاهر قوله «ولا ينقض اليقين بالشك» وإلّا كان المناسب أن يقول ولا ينقض الطهارة بالشك.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٧١.