[٧٦ ـ ٧٧] (وَإِنْ) مخففة من الثقيلة (كادُوا) قرب الكفار (لَيَسْتَفِزُّونَكَ) يزعجونك (مِنَ الْأَرْضِ) أرض مكة ، فإن الإنسان لا يقدر على البقاء في أرض الأعداء (لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً) لو أخرجوك (لا يَلْبَثُونَ) لا يبقون (خِلافَكَ) بعدك (إِلَّا قَلِيلاً) لأنّا نهلكهم حسب : (سُنَّةَ) طريقة (مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) فإن أقوامهم لمّا أخرجوهم عذبناهم ، أي الأقوام (وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) تبديلا.
[٧٨] (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) زوالها من نصف النهار (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) وسط الليل وظلمته ، وهذا بالنسبة إلى الصلوات الأربع (وَ) أقم (قُرْآنَ الْفَجْرِ) قراءة الصبح وهي صلاة الصبح (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار.
[٧٩] (وَمِنَ اللَّيْلِ) بعضه (فَتَهَجَّدْ) السهر للصلاة (بِهِ) بالليل (نافِلَةً) زيادة على الفرائض (لَكَ) لنفعك (عَسى) لعل (أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ) لأجل ما أتيت من الفرائض والنوافل (مَقاماً مَحْمُوداً) أي مكانا في الجنة يحمده الناس.
[٨٠] (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي) في كل أمر أدخل فيه (مُدْخَلَ صِدْقٍ) إدخالا مرضيا ، والكذب ما خالف ظاهره باطنه (وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) إخراجا مرضيا (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً) قوة وسلطة (نَصِيراً) تنصرني بها على أعدائك.
[٨١] (وَقُلْ) يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : (جاءَ الْحَقُ) الإسلام (وَزَهَقَ) ذهب وزال (الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) مضمحلا زائلا ، فإن من شأن الباطل الزوال.
[٨٢] (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ) من الأمراض النفسية والجسدية ، الفردية والاجتماعية (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ) القرآن (الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) خسارة ، فإن القرآن يوجب زيادة عنادهم ، وذلك يوجب زيادة خسرانهم.
[٨٣] (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ) بمختلف النعم كالصحة والسعة (أَعْرَضَ) عن ذكر الله تعالى (وَنَأى) بعّد (بِجانِبِهِ) بنفسه عن الله تعالى (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) أصابه الشر كالمرض والفقر (كانَ يَؤُساً) قنوطا من روح الله.
[٨٤] (قُلْ) يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (كُلٌ) كل إنسان (يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) أي طريقته التي اعتادها ، فإن اعتاد الشكر شكر ، وإن اعتاد الكفران كفر ، وهكذا (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) أكثر هداية واستقامة ، ثم يجازيهم عليه.
[٨٥] (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) الذي يحيى به الإنسان ، يسألونك ما هو (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) حصل من أمر الله الذي قال له كن فكان ، فليس شيئا أزليا كما زعمه بعض الفلاسفة (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) فليس تعلمون أكثر الحقائق والأشياء ، وإنّما تعرفونها بالآثار ، فليكن الروح منه.
[٨٦] (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) بأن نمحي القرآن عن الأذهان والألواح (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ) يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (بِهِ) القرآن (عَلَيْنا وَكِيلاً) من يتوكل علينا لاسترداده ، فالواجب أن يشكر الناس القرآن ويؤمنوا به ، لأنه لو أذهبه الله تعالى فاتهم هذا الخير ، ولا أحد يقدر على إرجاعه.