٤٨ : سورة الفتح
مدنية تسع وعشرون
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) قضينا لك بالفتح (فَتْحاً مُبِيناً) ظاهرا ، والمراد فتح مكة.
[٢] (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ) فإن الفتح سبب لأن يغفر لك أهل مكة ما زعموه من ذنبك كنفي آلهتهم وما أشبه ، حيث إن الناس يغفرون للسلطان معاصيه السابقة إليهم إذا سيطر وأحسن (ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) قبل الهجرة (وَما تَأَخَّرَ) عن الهجرة (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) بإعطائك السيطرة على الجزيرة العربية (وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) يثبتك عليه ، لأن الإنسان في كل يوم يحتاج إلى هداية جديدة وكذلك في كل عمل.
[٣] (وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً) فإن نصره على مكة يوجب نصره الكامل الذي لا ذل بعده عن الناس.
[٤] (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ) الطمأنينة (فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً) بما أنزل عليك (مَعَ إِيمانِهِمْ) السابق فإن الإيمان ملكة له مراتب (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الملائكة والجن وقسم من الناس وسائر الكائنات فيتمكن من نصر من يشاء (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بكل شيء (حَكِيماً) في تدبيره.
[٥] وإنما زادهم إيمانا (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) تحت قصورها وأشجارها (الْأَنْهارُ خالِدِينَ) دائمين (فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) أي يمحيها (وَكانَ ذلِكَ) الثواب (عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً) أي فوزا عظيما عند الله.
[٦] (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ) فإن المنافق يتأذى من تقدم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ) بالغلبة والسيطرة عليهم (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ) بأن الله لا ينصر دينه ونبيه (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) أي تدور عليهم الفلك بدائرة سيئة وهذا دعاء عليهم (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ) طردهم عن رحمته (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) محلّا أي جهنم.
[٧] (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) فيما أراد (حَكِيماً) في تدابيره.
[٨] (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) على أمتك بما يفعلون تشهد عليهم يوم القيامة (وَمُبَشِّراً) بالجنة (وَنَذِيراً) بالنار.
[٩] (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) أيها الناس (وَتُعَزِّرُوهُ) أي تنصروا الله (وَتُوَقِّرُوهُ) تعظموه (وَتُسَبِّحُوهُ) تنزهوه عما لا يليق به (بُكْرَةً) صباحا (وَأَصِيلاً) عصرا.