٦٦ : سورة التحريم
مدنية آياتها اثنتي عشرة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) فقد ورد أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم خلا بمارية فاطلعت بعض زوجاته ، فكره النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك وحرم على نفسه أن يخلو بمارية فنزلت السورة ، وقيل غير ذلك (تَبْتَغِي) تطلب بهذا التحريم (مَرْضاتَ) رضا (أَزْواجِكَ) أي زوجاتك (وَاللهُ غَفُورٌ) ما فعلت من التحريم (رَحِيمٌ) بك ، حيث أرشدك إلى نبذ التحريم ، ولا يخفى أنه ليس في الآيات دلالة على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حلف على عدم وطيها بل لعله قال : حرمت على نفسي ، مثل (إلا ما حرم إسرائيل على نفسه) (١) ، مضافا إلى أن عهده كان مشروطا كما سيأتي.
[٢] (قَدْ فَرَضَ) أوجب (اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ) حلّ (أَيْمانِكُمْ) عهدكم على أنفسكم فإن العهد على النفس إن لم يشتمل على الشروط المذكورة في الفقه لا يوجب تحليلا ولا تحريما (وَاللهُ مَوْلاكُمْ) فهو أعرف بمصالحكم (وَهُوَ الْعَلِيمُ) بكل شيء (الْحَكِيمُ) في تدبيره.
[٣] (وَإِذْ) اذكر زمانا (أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً) قال لها كلاما مخفيا ، بأن قال لحفصة : أسرّي قصة مارية فلا أقاربها بعد ذلك (فَلَمَّا نَبَّأَتْ) أخبرت الزوجة (بِهِ) بالحديث خلافا لكلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنها أخبرت عائشة ، ولذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حلّ من عهده حيث كان عدم المقاربة مشروطا بأن تخفي حفصة القصة (وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ) أي أعلمه الله تعالى بأن حفصة أخبرت عائشة (عَرَّفَ) النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبر حفصة (بَعْضَهُ) بعض ما ذكرته لعائشة (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) بأن لم يخبرها بجميع إفشائها له ، تكرما ، فإن عادة الكبار أن لا يتعرضوا لكل الحديث الذي يسيء الطرف المقابل أو أساءه ، بل يلمحون إليه تلميحا (فَلَمَّا نَبَّأَها) أخبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حفصة (بِهِ) بإفشائها لحديثه معها (قالَتْ) حفصة ، متعجبة (مَنْ أَنْبَأَكَ) أخبرك يا رسول الله (هذا) بأني أفشيت حديثك إلى عائشة (قالَ) الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) أي الله العالم بكل شيء والمطلع على الخفايا.
[٤] (إِنْ تَتُوبا) يا عائشة وحفصة من التعاون على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما يؤذيه (إِلَى اللهِ فَقَدْ) كانت التوبة لازمة إذ (صَغَتْ) مالت (قُلُوبُكُما) من مرضاة الله (وَإِنْ تَظاهَرا) تتعاونا (عَلَيْهِ) على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما يسوؤه فلا يضره تعاونكما إذ إن (اللهَ هُوَ مَوْلاهُ) يلي أمره بما لا يصيبه مكروه (وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) خيارهم ، وفي الرواية أن المراد به أمير المؤمنين علي عليهالسلام (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ) بعد نصر الله وجبرئيل والمؤمنين (ظَهِيرٌ) ظهراء له وأعوان لدفع الإيذاء عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
[٥] (عَسى) لعل (رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ) مطيعات لله (تائِباتٍ) عن الذنب (عابِداتٍ) لله (سائِحاتٍ) صائمات (٢) (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً).
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٣.
(٢) السائح : الجاري ، وسمي الصائم بالسائح لجريه في الإمساك من المفطرات.