تعقّل جامع ذاتي بين النسب ليوضع الحرف له ، فلا بدّ من وضع الحرف لكل نسبة بالخصوص ، وهذا انما يتأتّى باستحضار جامع عنواني عرضي مشير [لمعنى الظرفية الحرفي](١) فيكون الوضع عامّا والموضوع له خاصّا ، وليس المراد بالخاص هنا الجزئي بمعنى ما لا يقبل الصدق على كثيرين ، لانّ النسبة كثيرا ما تقبل الصدق على كثيرين بتبع كلّية طرفيها ،
__________________
في الخارج ، ولذلك يضطرّ الواضع أن يتصوّر المفهوم الاسمي ل «مفهوم النسبة الظرفية الحرفية» ، ومفهوم النسبة الظرفية الحرفية هو ما يعبّر عنه سيدنا الشهيد (قدس سرّه) بالجامع العنواني ـ لا الحقيقي ـ العرضي ـ لا الذاتي المشير ـ أي الى أفراده ـ فيكون الوضع عامّا ، ولكنه يضع حرف «في» لنفس «مفهوم النسبة الظرفية الحرفية» الذي لا يتصوّر الّا ضمن طرفين مثل زيد في البيت ولذلك قالوا بانّ الموضوع له خاص. ولكن الواضع يقول : كل ما كان معناه كمعنى «في» في قولنا «زيد في البيت» فقد وضعت حرف «في» له ، وبتعبير آخر : يقول وضعت حرف «في» لمعنى الظرفية الرابط بين المعاني الاسمية فالموضوع له من هذه الجهة عام. ولذلك ترى سيدنا المصنف رحمهالله يقول «وليس المراد بالخاص هنا الجزئي بمعنى ما لا يقبل الصدق على كثيرين ، بل المراد بالخاص هو كون الحرف موضوعا لمعنى كل نسبة بما لها من خصوصية الطرفين».
(١) كعنوان «الظرفيّة» مثلا بنحو المعنى الاسمي ، فانه ـ كما قلنا قبل قليل ـ جامع عرضي ـ لا حقيقي وذاتي ـ مشير الى حقيقة المعنى الربطي للظرفية ، فيكون الوضع عاما لانّ الواضع حين وضع هذه الحروف استحضر جامعا اسميا عرضيا وهذا الجامع عنوان عام ، فكان الوضع عامّا ، ولكنه حينما لم يستطع الواضع ان يتصوّر النسبة الظرفية ـ مثلا ـ إلا مع طرفيها كان الموضوع له خاصّا.