الثانية : اذا كان هناك قدر متيقّن في مقام التخاطب (١) فهل يمنع
__________________
(١) اعتبر صاحب الكفاية رحمهالله ان من مقدّمات الحكمة عدم وجود قدر متيقّن في مقام التخاطب ، ولعلّه يريد حالة انصراف ذهن السامع الى قدر معلوم بين المتكلم والسامع ، إذ في هذه الحالة يؤخذ بظهور الكلام وهو ارادة قدر معيّن من اسم الجنس دون معنى الاطلاق والشمول ، مثالها ما لو قال احد علماء الدين لطلّابه : «اكرموا العالم» ، فان اذهانهم تنصرف الى خصوص علماء الدين ، وذلك لان مقام التخاطب هو كون هذا الكلام صادرا من العالم الديني الى طلاب العلوم الدينية ، فمقام التخاطب هذا أثّر على كلمة «العالم» ، وهذا ما يسمّيه علماؤنا بقرينة الحال والمقام ، وهذه هي الحالة الثالثة في المتن. ولعلّ اوّل من اضاف هذا الشرط الى مقدّمات الحكمة هو صاحب الكفاية رحمهالله.
(ثمّ) استثنى صاحب الكفاية حالة ما لو كان القدر المتيقّن حاصلا من الخارج فانه لا يخلّ باطلاق اللفظ ، مثالها لو قال لنا المولى «اكرموا العالم الديني» ، فرغم ان علماء الدين يختلفون في علميّتهم خارجا تفاوتا كبيرا ، فمنهم المراجع العظام ومنهم غير المجتهدين من الفضلاء الكرام ، فانك ـ رغم هذا التفاوت الكبير بينهم ـ ترى نفسك تاخذ باطلاق لفظة «العالم الديني» ولا تلتفت الى هذا التفاوت الحاصل في الخارج وان كان القدر المتيقن منهم خصوص المجتهدين مثلا ، وما ذلك الّا لان هذا القدر المتيقن في الخارج لم يشكّل لنا قرينة صارفة عن المدلول الوضعي للكلمة(*) راجع إن شئت منتهى الدراية ج ٣ ص ٧١٥ ومحاضرات السيد الخوئي ج ٥ ص ٣٧٠ وتقريرات السيد الهاشمي ج ٣ ص ٤٢٤.
__________________
(*) (أقول) هذا البحث هو بحث في تحديد صغرى الظهور ، فان وجدت قرائن حالية او مقامية او مقالية فهي المتّبعة وذلك لتبعيتنا لظهور الكلام دائما ، وحجية الكلام تتبع عقلا وشرعا الظهور ، وإلّا ـ فان لم توجد هكذا قرائن ـ يتعيّن علينا ان ناخذ باطلاق