مدخليّة العزم والاختيار في فاعليّة الفاعل ، فإن كان مختارا في فعل كإلزام الغير بعمل ، أو إيجاده مباشرة ، فارتكبه لبعض دواعيه النفسانيّة الغير المقتضية له في نظر العقل أو العقلاء ، فقد فعل فعلا قبيحا يستحق عليه المذمّة لدى العقلاء.
وامّا إذا كان الفاعل موجبا ، فيمتنع صدور الترجيح منه من دون اجتماع شرائط التأثير ، ومعه يجب ، فلا يوصف فعله بالقبح ، ويستحيل الترجيح منه بلا مرجّح ، وكذلك الكلام بالنسبة إلى أثر الفاعل المختار بالنظر إلى جهاته الخارجة عن اختياره ، وقد اشير بقولنا «فارتكبه لبعض دواعيه النفسانيّة» إلى أنّ الترجيح بلا مرجّح على الإطلاق ـ حتّى في نظر الفاعل بوجه من الوجوه ، كما زعمه الأشاعرة القائلون بجوازه ـ غير معقول ، لرجوعه إلى الترجيح بلا مرجّح ، فهو محال.
قوله قدسسره : فتأمّل (١).
أقول : لعلّه إشارة إلى ابتناء المدّعى على عدم الفرق بين المسائل الاصوليّة والفرعيّة ، في اعتبار القدر المتيقّن بالنسبة إليهما ، وفيه كلام سيأتي.
قوله قدسسره : ومن المعلوم أنّ العمل بها لأجل ذلك ... الخ (٢).
أقول : في العبارة إشعار باقتضاء العلم الإجمالي للعمل بمشكوكات الاعتبار التي هي من أطراف العلم الإجمالي. وأنت خبير بأنّ مقتضاه الاحتياط في أطراف الشبهة ، بالأخذ بما هو الأحوط من الظنون المظنونة الاعتبار ، وما يخالف ظواهرها من مشكوكات الاعتبار.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١٤٦ سطر ٢٥ ، ١ / ٤٨٨.
(٢) فرائد الأصول : ص ١٤٩ سطر ٢٢ ، ١ / ٤٩٦.