قوله قدسسره : الثالث من طرق التعميم ... الخ (١).
[أقول :] توضيح الاستدلال إنّه بعد أن علم إجمالا بوجود طريق منصوب كاف فيما بأيدينا من الامارات ، يجب بحكم العقل الاحتياط في جميعها ، تحصيلا للجزم بسلوك الطريق المنصوب. وقد أشرنا في بعض التعليقات المتقدّمة أنّ فائدة الاحتياط في الامارات ، جواز الرجوع إلى الاصول في الموارد الخالية عنها ، مثلا إذا علمنا إجمالا بحرمة شاة في قطيع غنم يبلغ مجموعها عشرة ، فمقتضى الاحتياط اللازم وجوب التحرّز عن الكلّ ، ولكنّه لو نصب الشارع طريقا تعبّديا لتعيين الحرام ، وقام على حرمة واحد معيّن على وجه أثّر في زوال أثر المعلوم بالإجمال ، بأن كان مؤدّاه حرمة ذلك الفرد ، من زمان سابق على الزمان الذي علم بحرمة بعضها إجمالا ، فيرجع فيما عدا ذلك الفرد إلى أصل الإباحة ، فإذا اشتبه هذا الطريق المنصوب بين امارات قامت كلّ واحدة منها على حرمة واحدة من تلك الأغنام ، يجب الاحتياط بالنسبة إلى مؤدّيات الامارات ، ويرجع فيما عداها إلى أصل الإباحة ، كما لا يخفى وجهه.
ولكن يتوجّه على هذا الوجه من التعميم ، أنّه يتمّ ما لم يعارض الاحتياط في المسألة الاصولية أصلا مثبتا للتكليف من الاستصحاب ، وقاعدة الاحتياط ـ في الموارد التي نلتزم فيها بوجوب الاحتياط ، كأطراف الشبهة المحصورة ـ فانّه لا يجوز رفع اليد عن الاصول المعتبرة المثبتة للتكليف ، لأجل قيام امارة غير معلومة الاعتبار على خلافها.
وامّا ما قرع سمعك من تقديم الاحتياط في المسألة الاصولية على الاحتياط في المسألة الفرعية ، فانّما هو في مثل المثال المتقدّم ممّا يوجب الاحتياط في المسألة
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١٥٠ سطر ٨ ، ١ / ٤٩٧.