وثالثا : إنّ المؤاخذة إنّما تترتّب على المخالفة ، فمعنى «رفع عن امّتي المؤاخذة على ما اضطرّوا إليه ... الخ». انّه رفع المؤاخذة على المخالفة الحاصلة عن اضطرار ، فمتعلّق الرفع في الجميع هو فعل المكلّف بعنوان وقوعه مخالفة للشارع ، فكأنّه قال في «ما لا يعلمون» رفع عن امّتي المؤاخذة على المخالفة الحاصلة عن عدم العلم ، وهو صادق على شرب التتن المجهول ، حكمه وعلى شرب الخمر الذي لا يعلم أنّه خمر.
ولكن يرد على هذا الوجه : إنّ الذي ينسبق إلى الذهن من الرواية وأشباهها ، أنّ المؤاخذة إنّما تتعلّق بالفعل بلحاظ المخالفة ، فالمخالفة آلة لتعقّل تعلّق المؤاخذة بالفعل ، لا أنّها معقولة بنفسها موضوعا للمؤاخذة ، فليتأمّل.
هذا كلّه على تقدير تسليم أنّ المتبادر من الرواية رفع خصوص المؤاخذة وهو محلّ تأمّل ، بل الظاهر أنّ المراد بها رفع مطلق الآثار ، لكن المراد بمطلق الآثار ـ بقرينة إطلاق الرفع ، وورود الرواية في مقام الامتنان ـ هي الآثار التي لو لا رفعها لوقع المكلّف من قبلها في كلفة ، دون الآثار التي لا يترتّب على وضعها كلفة وخسارة عليه ، فضلا عمّا لو كان ثبوتها أرفق بحال المكلّف ، كما لو اكره على اداء واجب ، أو أدّاه خطأ أو نسيانا ، فانّ الرواية لا تدلّ على فساده ، ولو على القول برفع جميع الآثار.
هذا ، ولكن لا يبعد دعوى انصراف مثل قوله «رفع عن امّتي ما لا يعلمون» إلى الجاهل الغافل أو المعتقد للخلاف. ولكن إثباتها بحيث يخلّ في التمسّك بالإطلاق مشكل ، خصوصا مع أنّ التعميم أنسب بالاختصاص بهذه الامّة ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : إذ لا يعقل رفع الآثار الشرعية المترتّبة على الخطأ ... الخ (١).
أقول : هذا إنّما هو في الآثار الثابتة لهذه العناوين من حيث هي على الإطلاق
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١٩٦ سطر ٢٢ ، ٢ / ٣٢.