لرجوعه إلى التناقض ، وامّا الآثار الثابتة لها في الشريعة السابقة ، فيمكن رفعها عن هذه الامّة ، كما هو مفاد ظاهر الرواية.
فالأولى أن يقال في إثبات المدّعى : إنّ المراد برفع السهو مثلا أحد معان ثلاث :
الأوّل : أن يكون نفس السّهو من حيث هو ملغى في الشريعة ، بأن يكون وجوده كعدمه ، فيكون الفعل الصادر سهوا بمنزلة ما لو وقع لا عن سهو ، كما لو قال المولى لعبده «لا خطأ عندي» قاصدا بذلك أنّي لا أقبل الاعتذار بالخطإ في مخالفة أوامري ، فمعنى رفع السهو رفع قبول الاعتذار به ، وهذا المعنى غير مراد بالرواية بالضرورة ، ضرورة كونه منافيا للامتثال وضدّا للمقصود.
الثاني : أن يكون المراد به رفع الآثار الشرعية الثابتة لنفس السهو ، من حيث هو ، فمعنى رفع عن امّتي السهو ، أنّ السهو نزّل في هذه الشريعة منزلة العدم ، بلحاظ ما يقتضيه من الآثار الشرعية ، فمعناه أنّ الآثار الثابتة للفعل المعنون بهذا العنوان في الشرائع السابقة مرفوعة عن هذه الامّة ، فيكون على هذا التقدير ثبوت سجدتي السهو وكفّارة القتل الخطائي مثلا تخصيصا للرواية ، فعلى هذا يكون نفس السهو متعلّقا للرفع ، كما في الفرض السابق ، ولكن بلحاظ آثاره الشرعية.
والثالث : أن يراد برفع السهو ، رفع ما وقع سهوا ، أي رفع آثاره ، فمعناه أنّ الفعل الصادر سهوا لا يترتّب عليه آثاره الثابتة له من حيث هو ، وهذا المعنى هو المراد بالرواية كما يشهد به فهم الأصحاب ، مضافا إلى الرواية المتقدّمة عن «المحاسن» وغيرها. ولا يمكن الجمع بين إرادة هذا المعنى والمعنى الثاني لعدم الجامع بينهما ، فتأمّل.