قوله قدسسره : وامّا نفس المؤاخذة ، فليست من الآثار المجعولة الشرعية (١).
أقول : المراد بالأثر الشرعي ، مطلق الامور الراجعة إلى الشارع وضعا ورفعا ، القابلة لأن يتعلّق بها الرفع ، لا خصوص الأحكام التكليفية أو الوضعية.
ومن الواضح أنّ المؤاخذة من الآثار التي مرجعها إلى الشارع ، ويمكن أن يتعلّق بها الرفع. وكيف لا ، وقد تقدّم آنفا أنّها أظهر الآثار التي ادّعى المصنّف قدسسره ظهور الرواية في إرادتها بالخصوص.
لا يقال : سلّمنا أنّ المؤاخذة من الآثار القابلة للرفع ، ولكنّها متفرّعة على الاستحقاق الذي هو أثر عقلي ، فلا مانع عن تقدير المؤاخذة في الرواية ، وجعلها بنفسها متعلّقة للرفع ، وانّما الممتنع من حيث الدلالة اللفظية تعلّق الرفع بنفس الفعل ، وإرادة رفع ما هو أثر للازمه ، كما في الفرض.
لأنّا نقول : المؤاخذة إنّما هي على الفعل الموجب للاستحقاق ، لا على الاستحقاق ، فهي من آثار نفس الملزوم من حيث كونه موجبا للاستحقاق ، لا من آثار لازمه الذي هو الاستحقاق ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : فإذا فرضنا أنّه لا يقبح في العقل أن يوجّه التكليف بشرب الخمر على وجه يشمل صورة الشّك فيه ... الخ (٢).
أقول : يعني بتوجيه التكليف تنجيزه على المكلّف ، على وجه يوقعه في كلفة الاجتناب ، وإلّا فالخطابات الشرعيّة المثبتة للتكاليف الواقعية غير قاصرة عن الشمول لغير العالمين.
ولكن لا يخفى عليك ما في العبارة من المسامحة ، فانّ تنجيز التكليف إنّما هو من
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١٩٧ سطر ٧ ، ٢ / ٣٣.
(٢) فرائد الأصول : ص ١٩٧ سطر ١٠ ، ٢ / ٣٣.