الالتزام لا يخلو من نظر ، حيث أنّ الشيخ قدسسره ذهب إلى هذا القول فرارا من طرح قول الحجّة ، وجعل لزوم الطّرح دليلا على بطلان القول بالتساقط والرجوع إلى الأصل ، ولذا اعترض عليه المحقّق قدسسره وغيره ، بأنّ في التخيير أيضا طرح قول الحجّة.
والظاهر أنّ مراد الشيخ قدسسره أنّ اختلاف الأمّة على قولين ، مع عدم دليل معتبر في المسألة دليل على أنّ الحكم الواقعي فيها التخيير ، بمعنى جواز الفعل والترك ، ولا يجب على الإمام عليهالسلام ردع الأمّة عن اعتقادهم في مثل الفرض ، حيث لا يترتّب عليه مخالفة الشارع ، فكلّ من القولين في الجملة موافق لقول الإمام عليهالسلام ، فلا يجوز طرحهما رأسا والرجوع إلى الاصول العمليّة.
ويدلّ على أنّ مراده ما ذكرناه ، ما فرّعه على مذهبه من عدم جواز انعقاد الاجماع على أحد القولين في الفرض ، معلّلا باستلزامه أن لا يكون الحكم الواقعي التخيير ، وقد تبيّن خلافه.
قوله قدسسره : وامّا المخالفة تدريجا ... الخ (١).
أقول : يعني جواز المخالفة القطعيّة ـ على تقدير الرجوع إلى أصل الإباحة ـ لازم قطعا ، وهو ينافي حكم العقل بقبح المخالفة عن قصد وعلم ، فلا يعقل أن يكون حكمها الجواز ، وامّا نفس المخالفة القطعية فغير لازمة قطعا ، ضرورة إمكان اختيار الترك في كلّ واقعة أو الفعل كذلك.
قوله قدسسره : فتأمّل (٢).
[أقول] : لعلّه إشارة إلى أنّ أصل الإباحة ، على تقدير القول بجريانه مع العلم
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢١ سطر ٦ ، ١ / ٩١.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢١ سطر ١٤ ، ١ / ٩٢.