مخالفة المولى بين أن يعرف حكمه بالإجمال أو مفصّلا.
وامّا نقلا : فلعدم الدليل عليه على تقدير جوازه ، وعدم مخالفته للعقل المستقل ، ويأتي توضيحه في الشبهة المحصورة إن شاء الله.
ولو منعنا كون العلم الإجمالي كالتفصيلي موجبا لتنجّز الأحكام الواقعيّة ، وقلنا إنّ الجهل التفصيلي بالحكم الواقعي عذر عقلي أو شرعي ، فالمتّجه جواز المخالفة القطعية مطلقا في جميع الصور.
وأمّا القول بالتفصيل بين مخالفة الخطابات التفصيلية والاجماليّة ، ففي غاية الضعف ، خصوصا فيما إذا كان الحكم المشتبه في موضوعين متّحدا بالنوع ، كما لا يخفى.
ثمّ ، إنّا لو قلنا بهذا التفصيل ، فلا يتوجّه عليه النقض ، بما لو تولّد من الخطابات الإجمالية علم تفصيلي بحرمة شيء أو وجوبه ، في الشبهات الموضوعية أو الحكميّة ، كما لو تردّد مائع معيّن بين كونه بولا أو خمرا ، أو علم إجمالا بوجوب إكرام العالم أو العادل ، فتصادق العنوانان على فرد ، مع أنّ البديهة تشهد بعدم جواز المخالفة في مثل الفرض ، ضرورة أنّ المقصود بالخطاب التفصيلي ـ الذي يلتزم هذا القائل بحرمة مخالفته ـ أعمّ من أن يكون بدليل سمعيّ أو عقليّ ، فلا عبرة بإجمال الخطاب السمعي المتوجّه إلى المكلّف ، بعد أن استنتج منه بحكم عقليّ حرمة هذا الشيء ، فيعلم تفصيلا بأنّ الشارع نهاه عن هذا الشيء ، إلّا أنّه لا يعلم وجه حرمته ، ولا مدخلية لمعرفة وجه الوجوب أو الحرمة في وجوب الامتثال ، كما هو واضح.
قوله قدسسره : المخالف لقول الشارع اجتنب عن النجس (١).
أقول : كان الأولى أن يعبّر عن النجس بنوع من أنواع النجاسات ، كالخمر
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢١ سطر ١٧ ، ١ / ٩٣.