هذا الباب (١).
هذا ولكنّ التحقيق أنّ نتيجة دليل الانسداد ؛ على فرض تماميّة حجيّة الأمارات المفيدة للظن نوعا إذا كانت من الأمارات والطرق العقلائيّة مثل الأخبار دون صفة الظن من أي طريق حصل ، وحينئذ فيتصور التعارض ، إلا أنّه لمّا كان من الأحكام العقليّة فلا يكون من تعارض الدليلين حسبما عرفت إلا على القول بالكشف ، فإنّه على القول بالحكومة العقل يعين من الأول ما هو الحجّة ، فلا يتصور التعارض.
فإن قلت : فعلى هذا يسقط باب التعادل والترجيح ، مع أنّ القائلين بالظن المطلق أيضا يبحثون عنه.
قلت : بحثهم إنّما هو لتحصيل الظن ؛ فإنّ ملاحظة المرجّحات الواردة في الأخبار توجب حصول صفة الظن في أحد الخبرين ، ففرضهم من البحث تعيين أسباب الظن وتحصيله لا العمل على طبقها تعبدا ، فإنّه فرع القول بحجيّة الأخبار من باب الظن الخاص.
الرابع (٢) : [في إمكان التعارض عقلا بين الدليلين]
اختلفوا في إمكان التعارض بين الدليلين عقلا وعدمه ، وفي جواز وقوعه شرعا وعدمه ، بعد ما اتفقوا على إمكان وقوعه في الأمارات المنصوبة على الموضوعات كاليدين والبيّنتين ، وقولي اللغويين ، ونحو ذلك ؛ فالمعروف على إمكانه عقلا ، وبعضهم على امتناعه ، ومنهم من أنكر إمكان التعادل على ما استظهر منه (٣) صاحب الفصول.
ومنهم من أنكر وقوع التعارض شرعا ، واستدلّ لعدم الإمكان عقلا بأنّه يؤدي إلى الجمع بين المتنافيين ، ولعدم جواز وقوعه شرعا بأنّه مع العمل بها يلزم التكليف بالمحال ، لأدائه إلى اجتماع حكمين متضادين في موضوع واحد ، ومع ترك العمل
__________________
(١) قوانين الأصول : ١ / ١٧٩ ، ٢ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤.
(٢) هذا هو الأمر الرابع من أمور المقدمة.
(٣) في نسخة (ب) : استظهره.