قلت : سيأتي أنّه لا مانع من ذلك ، فهو كما لو كان خبر لا معارض له مقرونا بأمارات صدوره تقيّة ، فإنّه يحكم بصدوره ، وإن لم يعمل بظاهره.
السابع : [أدلة اعتبار الخبر لا تتعرض للدلالة]
لا يخفى أنّ أدلة اعتبار أخبار الآحاد لا تقتضي أزيد من الأخذ بالسند ، وليست متعرضة لحال الدلالة ، وأنّ ظواهرها واجبة الأخذ أو لا؟ فإذا قال الراوي قال الإمام عليهالسلام كذا .. ، فمعنى وجوب (١) تصديقه الحكم بأنّ الإمام عليهالسلام قال كذا .. ، وأمّا أنّ ظاهر كلام (٢) الإمام عليهالسلام واجب الأخذ فيحتاج إلى دليل آخر ، ولذا لم يحتمل أحد كون وجوب الأخذ بالظواهر من باب دلالة آية النبأ ، بل يتمسكون في اعتبارها ببناء العقلاء ، نعم وجوب الأخذ بالسند إنّما هو بلحاظ مدلول الخبر ، ووجوب الأخذ به ، لكن بعد معلوميّة كونه مدلولا أو الدليل (٣) على وجوب البناء على كونه مرادا ومدلولا ، وهذا واضح.
وهل يعتبر في شمول دليل الاعتبار للسند كون الخبر دالا فعلا ، وكون مدلوله واجب الأخذ به ، فلا يشمل الخبر المجمل والمحمول على التقيّة ، والمعلوم عدم جواز الأخذ بظاهره إذا لم يكن له معنى تأويلي متعيّن ، والأخبار المتعارضة ـ التي على فرض الأخذ بها ـ يحكم بإجمالها ، لتساوي ظهورها أو لا يعتبر ذلك؟ وجهان يظهر من المحقق الأنصاري قدسسره الأول ، والأقوى الثاني.
ودعوى أنّ معنى الحجيّة وجوب ترتيب الآثار ومع عدم ذلك لا معنى لها.
مدفوعة بأنّ معناها المرآتية الجعلية وهي من الأحكام الوضعية ولازمها وجوب الأخذ بالمؤدّى على كل فرض فهم المراد وعدم المانع لا الوجوب الفعلي ولا يعتبر في الجعل أزيد من هذه الشأنيّة.
ودعوى أنّه لا فائدة في هذا الجعل ، ويلزم اللغو في وجوب التصديق والحكم
__________________
(١) لا توجد كلمة «وجوب» في نسخة (ب).
(٢) في نسخة (ب) : كلامه.
(٣) الجملة معطوفة على ما سبق ، والمعنى : بعد معلوميّة كونه مدلولا ... وبعد قيام الدليل على وجوب البناء على كونه مرادا ومدلولا.