فلا بدّ في ملاحظة النسبة من ملاحظة كل دليل دليل ، فلا وجه لجعلها أعمّ من الأخبار من هذا الوجه ، بل الوجه في الأعميّة شمول أدلّة الاعتبار لغير صورة التعارض بعد كونها هي الطرف لمعارضة الأخبار العلاجيّة ، لا نفس القاعدة.
هذا ؛ وأمّا ما ذكره من الفرق بين جعل الإمكان عنوانا وشرطا عقليّا ؛ فلا وجه له بعد كونه مأخوذا في القاعدة بلا إشكال ، نعم لو صدر من الإمام عليهالسلام قوله عليهالسلام اجمع بين الدليلين من غير تقييد بشيء تمّ ما ذكره ، وليس (١).
والإجماع على فرض صدقه وكشفه مقيّد بالإمكان ، فالوجه في ردّ القاعدة في الصورة المذكورة ما ذكرناه.
وأمّا على الثاني ؛ وهو الإغماض عن الأخبار العلاجيّة ، فالحق أيضا عدم الجمع ، وتقديم القاعدة العقليّة الحاكمة بالرجوع إلى الأصل في المتعارضين من التساقط أو التوقف أو التخيير ، وإلحاق المقام بما لا يمكن فيه الجمع أصلا ، كما في النصّين ، ويمكن تقريره بوجهين :
أحدهما : أن يقال إنّ مقتضى عموم دليل الاعتبار وإن كان هو الأخذ بالسندين والمفروض أنّ لحاظ الدلالة خارج عن ذلك العموم ، ولازمه الأخذ بهما ثمّ الحكم على حسب ما يقتضيه ؛ كما في القطعيين بحسب الصدور ، إلا أنّ شمول العموم لا يثمر في مقصود الجامع من الأخذ بالتأويل البعيد ، بعد عدم مساعدة العرف عليه ، والأخذ بهما والحكم بالإجمال وإن كان ممكنا إلا أنّه خارج عن مقصوده ، ومع ذلك لا وجه له ، إذ هو فرع كون كلّ من الخبرين قرينة على عدم إرادة الظاهر من الآخر والمفروض عدم ذلك أيضا ، والدلالة لازمة للسند ، فلا يمكن الأخذ بهما بحسب القاعدة.
فعموم دليل السند مقيّد بإمكان الأخذ ، وهو فرع كون كل قرينة على الآخر إمّا بإرادة المعنى التأويلي ، وإمّا في الحكم بعدم إرادة الظاهر ، وإن لم يتعين المراد ولازمه الإجمال ، والمفروض عدم صلاحيتهما للقرينة في نظرهم ، لشيء من الوجهين ، وإذا لم يمكن الأخذ بهما فيتعين الرجوع إلى القاعدة العقليّة ، وموضوعها
__________________
(١) المعنى أنّه لمّا لم يصدر من الإمام مثل هذا التعبير صريحا فلا يتم ما ذكره.