أعم من عدم الإمكان عقلا ؛ كما في النصين ، وعدم الإمكان عرفا ؛ كما في المقام فهي نظير الأخبار العلاجيّة في ورودها على دليل الأخذ بالسند.
فإن قلت : بعد ما فرضت أنّ دليل الاعتبار ليس ناظرا إلى الأخذ بالسند فلا مانع منه ، وبعد الأخذ به يصير كمقطوعي الصدور في الأخذ بالمعنى التأويلي ، وإن كان بعيدا إذا كان واحدا ، أو الإجمال إن كان متعددا.
قلت : في القطعيين لمّا لم يكن محيص إلا الأخذ بخلاف الظاهر ، فالعرف يعين المعنى البعيد ، ويجعله معنى اللفظ ، بخلاف المقام فإنّه لما يحتمل عدم صدور أحدهما أو كليهما ، لا يجعله معناه ، ففي القطعيين الصدور بقيد القطع قرينة لا نفسه ؛ حتى يقال بعد الحكم التعبدي بالصدور لا بدّ من جعله قرينة ، فصفة القطع لها مدخليّة في القرينة ، بل يظهر من المحقق الانصاري قدس سرّه أنها نفسها قرينة ؛ لكنّ الحق ما قلنا من أنّ القرينة هي الصدور بشرط القطع لا القطع ، ولا نفس الصدور.
فتحصل أنّ دليل الاعتبار (١) من حيث هو لا مانع من شموله إلا أنّه لما لم ينفع في الأخذ بالمعنى التأويلي ، ولا في الحكم بالإجمال (٢) ؛ لتوقف كلّ منهما على جعل كل من الخبرين قرينة على الآخر ، ولا يحكم العرف بذلك وجب الرجوع إلى ما تقتضيه القاعدة العقليّة.
ويمكن أن يقال على بعد : إنّ دليل الاعتبار شامل فعلا لكل من السندين إلا أنّه يرجع إلى حكم العقل في ظاهريهما ، فيحكم بالتساقط أو التوقف أو التخيير ، والفرق بينه وبين السابق أنّه على السابق لا يؤخذ بشيء من السندين على التساقط ، ويؤخذ بأحدهما على التخيير ، وفي هذا الوجه يؤخذ بهما ويحكم بتساقط الظهورين ، أو يقال بالتخيير فيها.
الثاني : أن يقال إنّ عموم دليل الأخذ بالسند معارض بعموم دليل الأخذ بالظاهر ، إذ الأخذ بظواهر ألفاظ الإمام عليهالسلام واجب ؛ إمّا لدليل تعبدي ، وإمّا لبناء العقلاء بعد
__________________
(١) في نسخة (ب) : الحجية.
(٢) بعده في نسخة (ب) : فيجري حكم العقل بالتساقط بمعنى أنّ العقل يحكم فيه بعدم الشمول ، وإن شئت قلت ...