الأخذ بأصالة الحقيقة في دليل واحد أولى من الأخذ بمجازين في دليلين ، بل كلام العلّامة كالصريح في ذلك ؛ حيث قال :
إنّ في الطرح أخذ بدلالة أصليّة وتبعيّة من دليل ، وذلك لأنّه لا يمكن أن يحمل اللفظ على حقيقته ، وهي الدلالة الأصليّة ومجازه وهو الدلالة التبعيّة في استعمال واحد ، فيعلم من ذلك أنّ مراده أنّه إذا بنى على العمل بأحد الدليلين فقد أخذ بتمام معناه وببعضه في ضمنه ، وهذا أولى من الأخذ بالبعضين من دليلين.
الثالث : (١) [ما عن الشهيد من أنّ الأصل في الدليلين الإعمال] ما عن الشهيد السعيد قدسسره في التمهيد (٢) من أنّ الأصل في الدليلين الإعمال فيجمع بينهما مهما أمكن ، لاستحالة الترجيح بلا مرجّح ، واستشكل عليه :
أوّلا : بأنّ قوله «لاستحالة .. الخ» مستغنى عنه ، وأنّه لا يناسب علّة لشيء ممّا ذكره.
ثانيا : بما في القوانين (٣) من أنّ المفروض عدم ملاحظة.
الترجيح (٤) بناء على الجمع وإلّا فهو موجود في بعض الصور.
وأجيب عن الأول :
تارة بأنّ قوله (لاستحالة ..) علّة لقوله (الأصل في الدليلين الإعمال ..) فيكون غرضه أنّه لو لم يعمل بهما وطرح أحدهما يلزم الترجيح بلا مرجّح ، وأنت خبير بأن هذا لا ينفع في قبال طرح كليهما أو التخيير بينهما.
وتارة بأنّه علّة لوجوب الجمع المستفاد من قوله فيجمع بينهما فيكون الغرض أنه لو لم يحكم بوجوب الجمع وحكم بالتخيير (٥) بينه وبين الأخذ بأحدهما يلزم الترجيح بلا مرجح على فرض الأخذ بأحدهما وفيه ما لا يخفى من البعد ، مع أنّه
__________________
(١) على ترتيب النسخة (ب) يكون هذا هو الثاني.
(٢) تمهيد القواعد : ٢٨٣.
(٣) توجد كلمة «بما في نين» في نسخة الأصل ، واحتملنا أنّ المراد منها القوانين ، وإن كانت هذه الكلمة لا توجد في نسخة (ب).
(٤) في نسخة (ب) : المرجّح.
(٥) في نسخة (ب) : وأنّه مخير.