المعنى فذاك ، وإلا فمجرّد قيامه على ما يخالف ظاهر الخبر لا يكفي في الأخذ بالتأويل البعيد.
نعم ؛ لو كان الخبر قطعي الصدور أمكن ذلك ؛ بدعوى أنّ العرف يفهم منه ذلك بعد ملاحظة قطعيّة صدوره وقطعيّة عدم إرادة ظاهره من جهة الإجماع ، حسبما عرفت في الخبرين القطعيين ؛ لكن كلامه في الخبر الظنّي السند.
تنبيه : [يتعلق ببعض حالات الجمع]
لا فرق ـ حسبما عرفت من بياناتنا ـ في الجمع وعدمه بين الظاهرين المحتاجين إلى تأويلين ـ على فرض الجمع ـ وبين الظاهرين المحتاجين إلى تأويل أحدهما لا بعينه ؛ كالعامين من وجه ، وكقوله اغتسل للجمعة الظاهر في الوجوب ، وقوله ينبغي غسل الجمعة الظاهر في الاستحباب ، فيجري فيهما جميع ما تقدم من الكلام والنقض والإبرام.
نعم بناء على مذاق المحقق الأنصاري قدس سرّه من جعل التعارض بين سند كلّ ودلالة الآخر (١) لا يجري فيهما الحكومة التي أجريناها هناك حسبما أشرنا إليه آنفا ، لأنّ الشك في إرادة ظاهر كل منهما ليس مسببا عن الشك في سند الآخر ؛ لإمكان صدور الآخر وإرادة ظاهر هذا ، وكون المؤول ذلك الآخر ، وكيف كان ؛ فالقائل بالجمع يجمع بينهما ، ويأخذ بأحد التأويلين إذا كان أقرب ، وإن كان بعيدا في نفسه ، وإلا يحكم بالإجمال ، أو يأخذ بأحدهما اقتراحا ، وعندنا إذا كان أحدهما أظهر بحيث يمكن أن يكون قرينة على الآخر في نظر العرف يجمع بينهما ، وإلا فالمرجع الأخبار العلاجيّة ، ومع الإغماض عنها : القاعدة العقليّة ، وذلك لصدق التعارض الموجب للحيرة ، وعدم إمكان العمل بهما معا.
ولا يخفى أنّه إذا أخذنا أحدهما من باب الترجيح أو التخيير بحكم الأخبار العلاجيّة ، فلا نترك الآخر إلا بالنسبة إلى مادة الاجتماع ، وكذا إذا حكمنا بتساقطهما من باب القاعدة العقليّة يحكم بذلك في غير مادّة الافتراق ، فنحكم بصدور كليهما بالنسبة إلى مادة الافتراق ، ولا نحكم به بالنسبة إلى مادة الاجتماع ، ولا يضرّ هذا
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ٢٣.