أيضا بمعنى أنّ الحجّة هو خبر العدل المعلوم ؛ فيجوز الرجوع إلى حكم مخالف لهما أو لا؟ وعلى الثاني فهل يجوز الرجوع إلى الأصول العمليّة التعبديّة ؛ لأنّ مدارها على عدم الحجيّة المعلومة أو لا؟ بل الحجة الغير المعلومة أيضا دليل اجتهادي بالنسبة إليها ، وعلى فرض عدم جريانها : فهل مقتضى القاعدة التخيير بالأخذ بأحدهما لا على التعيين في صورة المعارضة أو لا؟ بل مقتضى القاعدة الاحتياط مع إمكانه ، وإلا فالتخيير.
الحقّ في المقام الأول : أنّ مجرّد الاشتباه لا يخرج الحجّة عن الحجيّة ، فلا يجوز الرجوع إلى الأصل المخالف لهما ، وإن لم يعلم صدق أحدهما ، ودعوى أنّه يلزم أن يكون للحكم الظاهري أيضا واقعيّة مدفوعة بمنع بطلانه.
والحقّ في المقام الثاني : أنّه يجوز الرجوع إلى الأصل العملي المطابق لأحدهما ، لأنّ وجود الحجّة المشتبهة لا يكفي في عدم جريانه ، فيكون كما لو فرض العلم بعدم الاحتمال الثالث ، ودوران الأمر بين مؤدّى الخبرين ، فالحجّة المشتبهة بمنزلة القطع في نفي الاحتمال الثالث ؛ ويجري الأصل في تعيين الاحتمالين.
والحقّ في المقام الثالث : ـ على فرض الإغماض عمّا اخترنا في الثاني ـ التخيير لا الاحتياط ، وإن كان أحد الخبرين دالا على الوجوب أو الحرمة ، والآخر على الإباحة ؛ لجريان حكم العقل بالبراءة.
ودعوى أنّه إذا فرض عدم جريان الأصل العملي فلا رافع لاحتمال الوجوب أو الحرمة ، فلا بدّ من الاحتياط بحكم العقل ؛ لسدّ الاحتمال المذكور ؛ مدفوعة بمنع حكم العقل بذلك ، بل هو حاكم بالبراءة وإن لم يجر الأصل التعبدي من الاستصحاب أو البراءة الشرعيّة ، فمرادنا من التخيير ليس إلا العملي منه الذي هو في معنى البراءة في المقام فتحصل ان مقتضى القاعدة في تعارض الحجة واللاحجة التوقف والرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما ان كان وإلا فالتخيير العملي.
السادس : [بيان المراد من الحجّية]
في بيان المراد من الحجيّة قد يتخيل أنّ المراد منها وجوب العمل على طبق الشيء ، وبعبارة أخرى : جعل مؤداه حكما شرعيّا ، وعليه فيكون المجعول في