لا يمكن له الأمر بالعمل بهما حتى يحكم العقل بالتخيير بسبب العجز ، ففي الحقيقة المانع من قبل المكلّف لا المكلّف.
وعقلي ظاهري كما في الدوران بين المحذورين مع عدم الدليل على التعيين.
وشرعي ظاهري كما في الخبرين إذا قلنا بالتخيير فيهما من جهة الأخبار العلاجيّة.
وشرعي واقعي كما في خصال الكفّارة ؛ وملاكه كون المصلحة الملحوظة للآمر موجودة في شيئين أو أشياء مع كفاية أحدها في إحرازها ، ولو فرض عدم الحكم من الشارع في مثل هذا الموضوع بالتخيير ؛ بمعنى عدم العلم به ، واستكشفنا كون الأمر كذلك ؛ يحكم العقل بالتخيير ، وبقاعدة الملازمة يثبت شرعا أيضا ، فهو أيضا معدود من التخيير الشرعي ؛ بخلاف القسم الأول فإنّه لا يكون شرعيّا بقاعدة الملازمة ؛ لعدم جريانها ؛ لأنّ المفروض أنّ الحكم الشرعي فيه هو التعيين.
وعلى ما ذكرنا فلو قلنا بعدم شمول أدلّة الحجيّة لصورة التعارض ، وعلمنا أنّ مناط الحجية الكشف النوعي المحقّق في كلّ من الخبرين ؛ فالعقل يحكم بالتخيير بمقتضى هذا المناط ، ويصير تخييرا شرعيّا ؛ بقاعدة الملازمة ، لكنّ الفرض بعيد من حيث عدم إمكان العلم بالمناط ، إذ لا أقل من احتمال كون عدم المعارض شرطا في اعتبارهما ، ومع فرض العلم به فالأمر كما ذكرنا ، فليكن هذا على ذكر منك.
الثامن : [البحث في موارد التوقف]
لا يخفى أنّ مورد التوقف ما إذا كان هناك واقع مجهول معيّن في الواقع ، كما في التوقف عن تعيين الأحكام الواقعيّة عند الشك فيها ، وأمّا مع عدم التعيين في الواقع أيضا فلا مورد للتوقف ، وحينئذ ففي دوران الأمر بين الحجّة واللاحجّة يصح الحكم بالتوقف ، وأمّا في مقامنا إذا قلنا بعدم إمكان شمول الدليل للمتعارضين ، لا يصح ذلك ، إذ ليس هناك واقع مجهول.
ودعوى العلم بأنّ أحدهما معينا حجّة عند الشارع ولا نعلمه ؛ فاسدة ، إذ المفروض أنّ مناط الحجيّة وهو كونه خبر عدل موجود في كليهما ، فلا معيّن لأحدهما.
فإن قلت : هما وإن كانا متساويين بالنظر إلى دليل الاعتبار ، إلا أنّه يحتمل أن