في الحقوق المشتركة ممّا لا يقبل القسمة ، ومنه ما لو تعارض خبران في بعض مسائل النكاح ، أو الطلاق ، أو العتق ، أو نحوها ممّا يتعلّق باثنين ، وغير قابل للقسمة ، ومنه أيضا توارد الواردين على محلّ واحد ، فإنّ الحكم عقلا أو نقلا هو التساقط.
والثاني ؛ مثل تزاحم الغريقين أو الدّينين ؛ مع عدم إمكان العمل بأحدهما ، لمانع عقلي أو شرعي.
والثالث ؛ كتزاحم الغريقين أو الدينين ؛ مع عدم إمكان كل منهما لا على التعيين.
والرابع ؛ كما إذا تعذر اختيار أحدهما لعارض ، وأمكن الجمع كما لو خاف على نفسه من أداء أحد الدّينين (١) وأمكنه التوزيع.
والخامس ؛ كتزاحم الديون أو النذور مع إمكان التبعيض والتخيير ، وكتعارض البيّنتين أو اليدين في الدار .. إلى أن قال : وإن لم يكن المحل قابلا للتبعيض بحسب المقدار فمقتضى القاعدة التبعيض بحسب الأزمان ، كمسألة الرضاع بالنسبة إلى العشر والخمسة عشر ، وقال : الظاهر قيام الإجماع على عدم التبعيض في الأحكام.
قلت : لا يخفى ما في كلامه من النظر ؛ فإنّ كلامه إنّما كان في تزاحم الواجبين لا السببين ، وأيضا لا وجه للتساقط في تزاحم الواجبين ، وأيضا ـ بناء على ما ذكره من الموضوعية ـ يكون الواجب تصديق العادل ، ولا نظر إلى كون المتعلّق قابلا للقسمة أو لا ، وكونه من حقوق الناس أو من حقوق الله ، ثمّ لا وجه لبعض الأمثلة التي ذكرها ؛ فتدبر.
(في نفي المتعارضين للثالث)
بقي الكلام في شيء وهو أنّه بناء على المختار من التساقط بأحد الوجهين إنّما يحكم بتساقطها بالنسبة إلى محل المعارضة ، فإذا كان أحد الخبرين مشتملا على حكم آخر لا يعارضه الآخر نأخذ به ، فإنّه كأنّه خبر آخر ، وكذا إذا كان بينهما عموم من وجه يتساقطان في مادّة الاجتماع دون مادة الافتراق ، وكذا إذا اتفقا صريحا على إثبات القدر المشترك ، أو نفي الثالث ، وكأنّ اختلافهما في التعيين ؛ كأن يقول
__________________
(١) في النسخ : الدليلين ، والصحيح ما أثبتناه.