المقام الثاني
في التعادل (١)
وهو والترجيح قسمان من التعارض ؛ ولا ثالث لهما بحسب الواقع ، نعم قد يشك في كون الدليلين متعادلين أو متفاضلين ، ولكنّه أيضا ملحق بأحد القسمين ؛ إذ لو شك في ترجيح أحدهما المعيّن والتساوي (٢) فهو ملحق بالترجيح ؛ لأنّ المشكوك في كونه أرجح أرجح ـ بناء على الترجيح بمثل ذلك ـ وبناء على عدمه أو كون الشك في ترجيح كلّ منهما على الآخر والتساوي فهو ملحق بالتعادل ، إذ هما متعادلان في الظاهر ، فيجري فيهما حكم التعادل من التخيير ؛ هذا ويمكن أن يقال بجريان حكم التعادل مطلقا ؛ بناء على أصالة عدم ترجيح كلّ منهما على الآخر.
ودعوى أنّ هذا الأصل لا يثبت التساوي ؛ لأنّه أمر وجودي والأصل عدمه فلا يجري التخيير.
مدفوعة بمنع كونه وجوديا أولا ؛ على ما قيل من أنّه عبارة عن عدم زيادة أحد الشيئين على الآخر ، وثانيا : إنّ التخيير ليس معلّقا على عنوان التعادل والتساوي ، بل على عدم وجود المرجّح كما يظهر من ملاحظة أخبار الباب ، مع أنّ بعضها مطلق في التخيير بين المتعارضين ، غاية الأمر خروج صورة العلم بوجود المرجّح ، فعلم أنّ في الظاهر أيضا لا يخرج عن أحد الحكمين ، وأنّه لا واسطة بينهما في الظاهر أيضا ، أعني بحسب الحكم في مقام العمل.
هذا ولكنّ التحقيق عدم تماميّة شيء من الوجهين كليّا ؛ إذ الأول مبني على كون التعادل والترجيح منوطين بنظر المجتهد ، وأن لا يكون لهما واقع ، وليس كذلك (٣)
__________________
(١) من هنا تبدأ النسخة (د) ونشرع في المقابلة بينها وبين النسخة (ب) على النسخة المعتمدة.
(٢) في نسخة (د) : أو التساوي.
(٣) في نسخة (د) : وليس الحال كذلك.