زال اعتقاده وشكّ في بقاء التخيير وعدمه ، من جهة الشك في كون الأمر الفلاني مرجّحا أو لا؟ أو معتبرا أو لا؟ فعلى الموضوعيّة يجري الاستصحاب ؛ لأنّه كان حكمه في السابق ، وعلى الطريقيّة يكون من الشك الساري (١).
وعن بعض الأفاضل أنّه قرّر هذا الثمر (٢) : بأنّه لو اعتقد التساوي (ثمّ زال اعتقاده قطعا أو ظنا أو شكا ، وشكّ في بقاء التخيير من جهة احتمال كون اعتقاد التساوي) (٣) علّة للتخيير ، ولو بعد وجدان المرجّح ؛ بأن يكون حدوثه كافيا في البقاء أيضا ؛ فعلى الموضوعيّة يجري ، وعلى الطريقيّة لا يجري.
وأنت خبير بأنّ هذا الاحتمال مقطوع العدم ؛ إذ ليس اعتقاد التساوي في زمان علّة للتخيير إلا ما دام موجودا ، وتنظيره بمسألة تقليد الحي (٤) إذا مات ، فإنّه يبقى الحكم ولو بعد الموت من حيث كون التقليد علّة لبقاء الحكم إلى الأبد ؛ لا وجه له ، لما عرفت من القطع بعدم هذا الاحتمال في المقام ، ألا ترى أنّ الظن المطلق ـ بناء على الترجيح به ـ قد ينقلب أو يوجد بعد عدمه ، ولا يكون له واقع غيره ، ومعه ينقلب الحكم ولا يبقى الحكم السابق من التخيير والترجيح وهذا واضح.
في إمكان التعادل ووقوعه
ثمّ إنّهم اختلفوا في إمكان التعادل ووقوعه بمعنى إمكانه عقلا وجوازه شرعا وعدمه ، والظاهر أنّ هذا هو المراد من الاختلاف في إمكان التعارض ووقوعه وعدمه ، إذ الظاهر أنّه لا إشكال في إمكان وقوع التعارض إذا كان أحد الدليلين أرجح من الآخر رجحانا يوجب تقديمه عليه ، فإنّ الحجّة حينئذ هو ذلك الراجح فقط ، ولا يرد الإشكال (٥) ؛ بل الإشكال في المتعادلين ، وفي صورة رجحان أحدهما إذا لم نقل بترجيحه وتقديمه بحيث يكونان سواء في الحجيّة.
__________________
(١) أي يكون من الشك الساري لليقين السابق والرافع لأثره ، بخلاف مورد جريان الاستصحاب والذي يكون الشك فيه من الشك الطارئ فيرفعه اليقين السابق بإبقاء المتيقن على ما كان عليه.
(٢) بدائع الأفكار (بتصرف) : ٤١٦.
(٣) ما بين القوسين ساقط من النسخة (د).
(٤) في نسخة (د) : المجتهد الحي.
(٥) في نسخة (ب) : إشكال.