حكم المتعادلين بمقتضى الأخبار
ثمّ إنّك قد عرفت حكم المتعادلين من حيث الأصل الأولي ؛ مع قطع النظر عن الأخبار العلاجيّة ، وأنّ مقتضى القاعدة التساقط والرجوع إلى الأصل ، ولو كان ثالثا ، وأمّا بملاحظة الأخبار فنقول : إنّ الأخبار المستفيضة دلّت على عدم التساقط ، وأنّ المكلّف مخير بينهما ، وهذه الأخبار وإن كانت معارضة بما دلّ على الاحتياط والتوقف ، ومقتضى الثانية جواز الرجوع إلى الأصل المخالف الذي هو في معنى التساقط ـ كما سيأتي بيانه ـ إلا أنّه سيأتي أنّ أخبار التخيير مقدمة وغيرها إمّا مطروح أو محمول (١) على ما لا ينافيها.
هذا ؛ والشيخ المحقق (قدس سرّه) (٢) ـ بعد أن بيّن أنّ مقتضى القاعدة بناء على الطريقيّة التوقّف الذي مقتضاه الرجوع إلى الأصل المطابق ، وتساقطهما من حيث جواز العمل بهما إذا لم يكن أصل مع أحدهما ، والظاهر أنّ مراده من ذلك وجوب الاحتياط حينئذ ـ قال (٣) : هذا ما تقتضيه القاعدة إلا أنّ الأخبار المستفيضة ؛ بل المتواترة قد دلّت على عدم التساقط مع فقد المرجّح ؛ فإذا لم يحكم بالتساقط فهل الحكم التخيير أو العمل بما طابق منهما الاحتياط ، أو بالاحتياط ولو كان مخالفا لهما ؛ كالجمع بين الظهر والجمعة والقصر والاتمام؟ وجوه : المشهور الأول ؛ للأخبار المستفيضة ، بل المتواترة .. إلى آخره.
أقول :
أولا : دعواه تواتر الأخبار في المقامين في محل المنع ؛ خصوصا بالنسبة إلى الثاني ، إذ الأخبار الدالّة على التخيير والاحتياط والتوقف ليست ـ فيما رأينا (٤) ـ بالغة حدّ التواتر ، فضلا عن الأخبار الدالّة على التخيير فقط.
فإن قلت : لعل نظره إلى الأخبار الدالّة على الاحتياط بقول مطلق ، أو التوقف في الشبهات.
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) : مطرح أو يحمل.
(٢) أثبتناها من نسخة (ب) و (د).
(٣) فرائد الأصول : ٤ / ٣٩ ، مع اختلاف يسير.
(٤) بعدها في نسخة (ب): «أزيد من تسعة أو عشرة» بدل قوله «بالغة حد التواتر».