نفي الثالث ، لا في مؤداه ، وعلى تقدير ملاحظة الأخبار أحدهما في خصوص مؤداه وإن كان مردّدا بين أن يكون على التعيين أو التخيير (١) ؛ انتهى.
وجه الاندفاع : أنّه لم يجعل الاحتياط مرجعا بمقتضى القاعدة حتى يكون منافيا لمبناه من عدم التساقط ؛ بل مرجعا تعبديّا من جهة الأخبار ، كيف؟ ولو كان المراد كونه مرجعا من حيث القاعدة لورد عليه المنع من ذلك ، ولو على تقدير كون الحجيّة (٢) أحدهما المعين الذي لا نعلمه ، إذ لا نسلّم أنّ لازم ذلك هو الاحتياط ، فعلى هذا لا ينفع ما ذكره أخيرا في دفع الإيراد ، فيكون مراده من (٣) دلالة الأخبار على عدم التساقط أنّها تدلّ إمّا على وجوب العمل بأحد الخبرين مخيّرا ، كأخبار التخيير ، أو على وجوب تطبيق العمل على كليهما ؛ كأخبار الاحتياط ، ومن المعلوم عدم كون هذا تساقطا بالمعنى المتقدم ، أي مع الرجوع إلى الأصل ، خصوصا بناء على تخصيص الاحتياط المخالف في كلامه بالمخالف لخصوص كلّ منهما ، على ما بنى عليه المورد.
وبالجملة ليس غرض الشيخ (قدس سرّه) (٤) من دلالة الأخبار على عدم التساقط أنّها تدلّ على كون أحد الخبرين حجّة : إمّا مخيّرا أو معيّنا ، بل مجرّد عدم الرجوع إلى الأصل ولو كان مطابقا لواحد منهما ؛ فتدبّر.
[وجوه المسألة وصورها]
الثالث وعدمه ـ التخيير ؛ وهو المنسوب إلى المشهور ، والعمل بما طابق منهما الاحتياط ، ومع مطابقتهما أو مخالفتهما له فالتخيير ، ولم أجد به قائلا ، والاحتياط في صورة مطابقة أحدهما أو كلاهما له ، وإلا فالتخيير ، ولم أجد به أيضا قائلا ، والاحتياط المطلق وإلا فالتخيير ، وهو المنسوب إلى الأخباريين من أصحابنا ويحتمل حمل كلامهم على الثالث.
__________________
(١) بدائع الأفكار : ٤١٦ ـ ٤١٧.
(٢) في نسخة (ب) و (د) : الحجّة.
(٣) لا توجد كلمة «من» في نسخة (د).
(٤) أثبتنا هذا من نسخة (د).