من الخبرين يفيد الواقع ويعينه ، وأنّ مفاده حكم الله الواقعي.
وأمّا بالنسبة إلى المقام الثاني والثالث : فهي معارضة بها ، وكون أخبار التوقف أظهر في المنع من الأخذ ، وأخبار التخيير أظهر في جواز العمل ممنوع ، بل أخبار التخيير أظهر في كلا المقامين.
والحاصل أنّ القائل المذكور أوقع المعارضة بين أخبار التوقف والتخيير في الأخذ والعمل ، وجمع بينهما بحمل الأولى على الأخذ والثانية على العمل ، وحكم بأنّ التخيير في المقام عملي ظاهري ؛ لا أنّه في الفتوى والأخذ (١) ، فإن أراد من الأخذ بالمعنى الأول (٢) أي الأخذ بالخبر ـ كما يؤخذ به في مقام الترجيح ـ فلا معارضة بينهما من هذه الجهة حتى يجيء الجمع والحمل ، وإن أراد الأخذ بالمعنى الثاني فلا نسلم أظهريّة أخبار التوقف في المنع ؛ بل الأمر بالعكس ؛ بل يمكن أن يقال : إنّ أخبار التخيير كالصريحة في جواز الأخذ والفتوى بمضمون كلّ واحد منهما من باب التسليم ، لا أنّه يتخير بينهما كصورة عدم الخبر ووجود الاحتمالين.
سابعها : أنّه لا وقع للسؤال الذي ذكره إيرادا على نفسه ؛ إذ انقلاب النسبة في المقام لا ينفع ، ولو سلّمناه في سائر المقامات ، إذ المسلّم منه ـ على فرضه ـ إنّما هو في ما لو كان ملاك التقديم والتأخير خصوصيّة الموضوع وعموميّته ، وكان الانقلاب في غيرها (٣) ، وأمّا لو كان الملاك ما ذكر وكان الانقلاب في غيرها (٤) ، بل يحسب آخر (٥) ، أو كان الملاك شيء آخر غير الخصوصيّة والعموميّة في الموضوع مثلا ؛ لا (٦) الأظهريّة في جهة ، وقد فرض بقاؤها بعد الانقلاب أيضا ، فلا نسلّم انقلاب الحكم.
بيان ذلك : إنّه قد يكون ملاك تقديم أحد الدليلين خصوصيّة موضوعه بالنسبة إلى الآخر ، وقد فرض أنّه لوجود معارض آخر انقلبت الخصوصيّة إلى العموم ، فبناء
__________________
(١) بعدها في النسخة (ب) : من الأخذ والفتوى الأخذ ...
(٢) في نسخة (د) هكذا : من الأخذ والفتوى بالمعنى ...
(٣) في نسخة (د) هكذا : وكان الانقلاب فيهما.
(٤) من قوله «وأما لو ـ إلى قوله ـ غيرها» لا يوجد في نسخة (ب) ، وفي نسخة (د) : غيرهما.
(٥) في نسخة (ب) : بل يجب آخر.
(٦) لا توجد كلمة «لا» في نسخة (ب).