على صحّة الانقلاب ينقلب الحكم ؛ مثلا : إذا قال أكرم العلماء وقال لا تكرم النحويين فملاك تقديم الثاني خصوصيّة موضوعه ، فإذا فرض أنّه ورد على قوله أكرم العلماء مخصّص آخر مثل قوله لا تكرم شعراء العلماء ، فيصير مفاد قوله أكرم العلماء بعد هذا التخصيص أكرم العلماء غير الشعراء ، فتكون النسبة بينه وبين لا تكرم النحويين العموم من وجه ؛ بعد أن كان عموما مطلقا ، فلا يقدم الثاني على الأول.
وأمّا لو لم تنقلب خصوصيّة الموضوع بالنسبة إلى غيره (١) فلا يتغير الحكم (٢) ، كما لو قال أكرم العلماء ، وكان مطلقا بالنسبة إلى يوم الجمعة والسبت ، وقال لا تكرم النحويين وكان أيضا مطلقا ، وفرض أنّه قال أيضا لا تكرم العلماء في (٣) يوم السبت ، فبعد تقييد قوله أكرم العلماء بهذا ؛ يصير مفاده أكرم العلماء يوم الجمعة ، فتكون النسبة بينه وبين لا تكرم النحويين العموم من وجه (٤) ، لكن يقدم الثاني عليه ؛ لأنّ ملاك التقديم لما كان هو الخصوصيّة من حيث الموضوع ، وهو بعد باق فيحكم بأنّه يحرم إكرام النحويين في كل من اليومين ، خصوصا إذا فرض أنّ إطلاق قوله أكرم العلماء من الأول أظهر في خصوص يوم الجمعة فقط ؛ وفي غير النحويين.
وكذا لو كان ملاك التقديم غير خصوصيّة الموضوع ؛ بل الأظهريّة من جهة من الجهات ، مثلا : لو قال أكرم العلماء ، وقال أيضا لا تكرم العلماء ، وفرض أنّ الأول أظهر في يوم الجمعة ، والثاني في يوم السبت ، فملاك تقديم كلّ على الآخر أظهريته في أحد الزمنين ، فإذا فرضنا أنّه ورد أيضا قوله لا تكرم النحويين ، فيصير مفاد قوله أكرم العلماء أكرم العلماء غير النحويين ، ويكون أخص من الثاني ، إلّا أنّه لا يقدم عليه ؛ بل يعمل به في خصوص يوم الجمعة بعد هذا التخصيص أيضا ، نعم لو فرض زوال الأظهريّة بعد هذا التخصيص انقلب الحكم ؛ لكنّ المفروض عدم زوالها.
إذا عرفت ذلك فنقول إذا قدمنا الجمع المشهور فتكون أخبار التخيير والمقبولة
__________________
(١) جاء في النسخة (د) هكذا : أمّا لو لم تنقلب خصوصيّة الموضوع بل كان الانقلاب بالنسبة إلى غيره ...
(٢) لم ترد هذه الجملة «فلا يتغير الحكم» في (د).
(٣) لا توجد كلمة «في» في النسخة (ب).
(٤) في نسخة (ب) : عموم من وجه.