[التنبيه] الأول : [حكم قضاء القاضي حال التعارض]
لا إشكال في أنّه ـ على المختار ـ يقضي القاضي إذا كان مستند حكمه الخبرين المتعارضين بما اختار ، ولا يخير المتخاصمين سواء كانا مجتهدين أو مقلّدين له أو لغيره ، وإن كان مختار كلّ منهما.
ولو قيل هذه الواقعة خلاف ما اختاره القاضي فهو نظير ما لو كان كلّ منهما مجتهدا عاملا بخبر بلا معارض عنده ، فإنّه في مقام المرافعة يجب عليهما العمل بفتوى الحاكم وإن كان أحدهما أو كلاهما أعلم منه ، نعم في صورة كون أحدهما مقلّدا والآخر مجتهدا أعلم من القاضي يمكن أن يقال يجب عليه العمل بمقتضى فتوى ذلك الأعلم لا القاضي إذا قلنا تقليد (١) الأعلم واجب فعلى القاضي أن يأمره بالعمل بمقتضى فتوى صاحبه ؛ لأنّه الحكم في حقه دون فتوى القاضي ، وإن كان الحكم الشرعي الواقعي بنظر القاضي فتوى نفسه .. فتأمّل!.
فإنّه (٢) مع صدق الترافع والتخاصم المدار على مذهب القاضي ، خصوصا إذا كان الاختلاف في مجرّد أخذ أحدهما ـ أي القاضي وذلك المجتهد الأعلم ـ بأحد الخبرين والآخر بالآخر.
وأمّا المفتي فكذلك في عمل نفسه غير المتعلق بغيره كعباداته ، أو المتعلّق بغيره إذا كان الغير تابعا صرفا ، كما لو نذر ـ على وجه يكون مورد التعارض الخبرين صحة وبطلانا ـ أو كان أحدهما دالّا على أنّ ماله يجب فيه الخمس والآخر على أنّه لا يجب ، فإنّه له أن يختار كلّا من الخبرين وليس للفقير معارضته في ذلك ، وهو واضح.
وأمّا عمله المتعلّق بالغير على وجه الشركة فلا يجوز له التعيين ، فلو فرضنا أنّه أوقع معاملة معاطاتيّة ، وورد فيها روايتان :
إحداهما تدلّ على الفساد ، والأخرى على الصحّة ؛ فلا يجوز له اختيار إحداهما بدون رضا شريكه ، وكذا لو ورد روايتان إحداهما (٣) على أنّ الحبوة للأكبر من حيث
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) هكذا : إذا قلنا إنّ تقليد ...
(٢) يظهر من هذا أنّه تعليل وبيان لوجه التأمل.
(٣) لم ترد كلمة «أحدهما» في النسخة (ب).