على المجتهد الاجتهاد في تحصيله ، وعلى المقلّد التقليد فيه .. وهكذا في مؤدّيات القطع والظن والأدلة الظنيّة مع المخالفة للواقع ، فقبل حصولها (١) كلّ منهما مكلّف بالواقع فقط ، وتحصيل العلم أيضا واجب ؛ لأجل تحصيل الواقع لا لأجل تحصيلها ، إذ شرط حدوثها (٢) الأمور المذكورة ، ولا وجود لها قبلها حتى يجب تحصيلها ، وبعد حدوثها يحدث التكليف وتحصل الشركة ، ويجيء وجوب التقليد.
الثاني : [في كون الأحكام الأصوليّة مثل الفرعيّة]
في كون الأحكام الأصوليّة مثل الفرعيّة في اشتراك المجتهد والمقلّد فيها وجوه (٣) :
أحدها : الاشتراك ؛ فالعامي أيضا مكلّف بالعمل بالأدلّة وتحصيلها ، وبالعمل بجميع المباني اللغويّة والعرفيّة والشرعيّة مثلا ، كما أنّ المجتهد مكلّف بالعمل بخبر العادل وبقول اللغوي في أنّ الصعيد وجه الأرض ، وبتقديم العرف على اللغة وبالأرجح من المتعارضين وبإجراء الاستصحاب وسائر الأصول ومواردها .. وهكذا ؛ كذلك العامي ، غاية الأمر أنّه عاجز عن تشخيصها ، فينوب عنه المجتهد (٤) ، وذلك لأنّها أحكام شرعيّة إلهيّة ، وجميع المكلّفين فيها شرع سواء ، وحكم الله في الأولين والآخرين سواء ، و «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» (٥) من غير فرق بين مباني الأحكام الظاهريّة والواقعيّة (٦).
الثاني : اختصاصها بالمجتهد ولا تكليف للعامي إلا في الفرعيّات ، وهي مؤديات الأدلّة والمباني الأصوليّة بتفاصيلها ؛ لعجز المقلّد عن تحصيلها ، والعاجز غير مكلّف
__________________
(١) في نسخة (ب) : حصولهما ، وعلى ما في المتن يكون المراد : قبل حصول القطع والظن والأدلة الظنيّة.
(٢) في نسخة (ب) : حصولها.
(٣) الصواب : وفيها وجوه.
(٤) لم ترد العبارة «وبإجراء ـ إلى قوله ـ المجتهد» في نسخة (د).
(٥) عوالي اللئالي : ١ / ٤٥٦.
(٦) جاء بعدها في نسخة (د) : وهكذا كذلك العامي غاية الأمر أنّه عاجز في تشخيصها فينوب عنه المجتهد ، وبإجراء الاستصحاب وسائر الأصول في مواردها .. ، أقول : هذه العبارة هي التي كانت قد سقطت عن موردها ممّا أشرنا له في الهامش السابق.