الاجتناب وعدمه ، ولازم هذا (١) الأخذ بمضمون خبر الطهارة ، وفي صورة كون أحدهما دالّا على الوجوب والآخر على الإباحة يكون كأنّه أخذ بخبر الإباحة ، وكذا في الدوران بين الإباحة والحرمة ، وبين الاستحباب والوجوب ، بل في جميع صور الدوران بين الأحكام التكليفيّة ، وفي صورة كون أحدهما دالّا على وجوب شيء آخر يكون مخيّرا بينهما.
وهذا الوجه مقطوع بفساده ؛ خصوصا إذا أريد الواقعي منه ، كما قد يحتمل.
الثاني : [أن يكون بمعنى أنّه مخيّر بين العمل بمقتضى كل واحد منهما] أن يكون بمعنى أنّه مخيّر بين العمل بمقتضى كل واحد منهما حتى إنّه يأتي بعنوان الوجوب أو الحرمة ، كما في صورة الأخذ إلا أنّه لا على وجه العمل بالخبر ، بل بمعنى أنّه في موضوع ورود الخبر الشارع جعل له (٢) حكما مطابقا له فلا يكون المفاد حكما واقعيّا له ، بل حكم ظاهري مطابق الخبر ؛ كأن يقال ـ في صورة وجود الخبر بلا معارض ـ : إنّ الشارع حكم بالعمل على طبق الخبر مع عدم جعله حجّة ودليلا حتى يكون طريقا إلى الواقع ، بل من حيث إنّه موضوع من الموضوعات ويكون حاصله أنّ الشارع جعل في موضوع الخبرين حكما عمليّا ظاهريّا ، وهو التخيير بين الواجبين التعيينيين ، أو بين الوجوب والإباحة ، وهذا مطابق للتخيير الأخذي في مقام العمل.
والفرق بينهما إنّما هو في كون كل من الحكمين حكما عمليّا ظاهريّا أو واقعيّا اجتهاديّا ، وهذا الوجه ليس مثل السابق في وضوح الفساد إلّا أنّه أيضا فاسد لما عرفت من أنّ ظاهر الأخبار حجيّة الخبرين وكون كل واحد طريقا إلى الواقع ، بمعنى العمل على طبقه على أنّه الواقع ، ولو بنى على الاحتمال المذكور لزم التزام مثله في الخبر بلا معارض ؛ لأنّه أيضا أمر معقول لا مانع منه ، ولا خصوصيّة للمقام لهذا الاحتمال إلا أن يقال : وإن كان ظاهر الأمر بالعمل بالخبر هو العمل به على وجه الطريقيّة أو (٣) جعله دليلا على الواقع إلا أنّه في خصوص مقامنا لا تعقل الطريقيّة ؛ إذ
__________________
(١) في نسخة (ب) : هذا الوجه.
(٢) في نسخة (ب) : جعل له الشارع.
(٣) في نسخة (د) : وجعله.