والحاصل أنّه إذا فرض وجود المانع عن أخبار التخيير لا على وجه التخصيص بل على وجه يكون مقدار مدلولها قاصرا عن شمول المورد سواء كان من جهة الانصراف أو من جهة عدم إمكان التخيير فمقتضى القاعدة حينئذ الأخذ بأخبار التوقف كما ذكرت ، ولا يتم ما ذكره النراقي من الرجوع إلى الأصول ، لكن النراقي فرض الكلام في التخصيص ، ففرضه أنّ أخبار التخيير من حيث هي لا مانع عنها وإنّما المانع قد خصّصها وحينئذ فالتحقيق ما ذكره وإن كان لا يتم على مذهبه.
الخامس : [عدم الفرق في الحكم بالتخيير بين الأصل والدليل الاجتهادي] لا فرق في كون الحكم في المتعادلين التخيير بين ما لو كان المرجع على فرض عدمها الأصول العمليّة أو الدليل الاجتهادي مثل المطلق إذا لم يجعله مرجّحا للخبر الموافق له ؛ بأن جعلنا العمل به من باب أصالة عدم التقييد لا من باب الظهور النوعي ، أو كانا معا مخالفين له أو للعموم مع العلم الإجمالي بعدم خروج أحدهما عن ذلك المطلق أو العام ، كما إذا قال أكرم العلماء وورد لا تكرم زيدا وورد أيضا لا تكرم عمرا ، وعلمنا بكذب أحدهما ؛ فإنّ إطلاق أخبار التخيير (١) شامل للمقام من غير فرق بين ما لو قلنا بالتخيير الأخذي أو العملي.
ودعوى الانصراف إلى صورة كونها في قبال الأصول العمليّة العقليّة أو الشرعيّة (٢) دون الأدلة الاجتهاديّة كما ترى! وكون الحكم معلوما من الدليل مع قطع النظر عنهما لا يثمر في رفع الحيرة في مقام العمل بعد وجودهما ووجدانهما لمناط الحجيّة ، وهذا واضح.
ودعوى أنّه بناء على التخيير العملي يكون من قبيل الأصل العملي فمع وجود الدليل الاجتهادي لا اعتبار بها (٣) بعد فرض شمول أخبار التخيير وعدم الانصراف فيها ، وخصوصيّة المورد بالنسبة إلى ذلك العام أو المطلق ، ألا ترى أنّه لو كان هناك خبر بلا معارض على خلاف أحدهما وكان الدليل دالا على الأخذ بمفاده يقدم على ذلك العام أو المطلق ، وإن كان الدليل لم يدلّ على حجيّته بل على العمل في مورد
__________________
(١) في نسخة (د) : إطلاق التخيير.
(٢) في نسخة (ب) : والشرعيّة.
(٣) في نسخة (ب) : لا اعتبار بهما ، وفي نسخة (د) كرّر الجملتين.