التقديم بل بمعنى جعل الشيء راجحا (١) فإنّه بتقديمه رجّحه على غيره ، نعم المفهومان مختلفان ولا بأس به ، فلا وقع لما قيل من أنّ في كلّ من تعريف المشهور وتعريف الزبدة (حزازة) (٢) ؛ لأنّ المشهور عرّفوه بالاقتران ، مع أنّ اللازم تعريفه بسبب الاقتران ؛ لأنّه الموجب للتقديم ، والزبدة عرّفه بالتقديم واللازم تعريفه ـ بناء على عدم ثبوت الاصطلاح الجديد ـ بجعل الشيء راجحا ، ثمّ إنّ الكلام في مقامات :
[المقام] الأول : في وجوب الترجيح وعدمه [ونرسم فيه أموراً]
ولا بأس بتقديم حكم الأصل ، وأنّ مقتضى الأصل الترجيح بكل ما يحتمل المرجحيّة أم لا؟ وتوضيح الحال يقتضي رسم أمور :
[الأمر] الأول : [اختلاف عناوين المرجحات]
المرجّح لأحد الواجبين على الآخر أو لأحد الدليلين على الآخر قد يكون تعدد العنوان في أحدهما أو تعدد الفرد من عنوان واحد أو عنوانين ، وقد يكون آكديّة المناط أو المصلحة (٣) في الجعل.
أمّا الأول ؛ ففي الواجبين مثل ما إذا دار الأمر بين إكرام زيد أو عمرو ، وكان أحدهما عالما والآخر عادلا أيضا ، وفرض وجوب إكرام كل من العالم والعادل ؛ فإنّه لا إشكال في تقديم ذي العنوانين ؛ لأنّ أحد العنوانين فيه سليم عن المزاحم ، فلو تركه ترك الواجب بلا جهة ، ومثل ما إذا دار الأمر بين ترك واحد من الواجب وترك فردين من ذلك الواجب أو ترك فردين من واجبين ، فلا إشكال أيضا في اختيار ذلك الواحد في مقام الضرورة ، فلو دار الأمر بين إنقاذ زيد وترك إنقاذ عمرو وبكر أو العكس (٤) وفي الأمارتين كما إذا فرض أنّ الظن من حيث هو حجّة من أي سبب حصل والخبر الواحد أيضا حجّة وتعارض خبران أحدهما مفيد للظن الفعلي دون الآخر ؛ فإنّه يقدم ما يفيد الظن لاشتماله على عنوانين : الظن والخبريّة ، وكما إذا تعارض خبران مع خبر واحد بأن كان في أحد الطرفين أزيد من خبر واحد ؛ فإنّه يقدم
__________________
(١) بعدها في النسخة (ب) و (د) : إذ التقديم من مصاديق جعل الشيء راجحا.
(٢) أثبتناها من النسخة (د).
(٣) في نسخة (ب) و (د) : والمصلحة.
(٤) بعدها في نسخة (ب) و (د) : وجب اختيار العكس.